بخلاف ما لو كانت الدعوى بعين كوديعة، لان إقراره بها إقرار بثبوت حق القبض للوكيل في ملك الموكل فلا يصح، وبخلاف ما أقر بالوكالة وجحد الدين فإنه لا يصير خصما بإقراره حتى يقيم الوكيل البينة على وكالته كما في شرح أدب القضاء للخصاف. قوله: (فيقضي عليه به) أي بثبوت حق القبض. قوله: (ويثبت دخوله الشهر ضمنا) لأنه من ضروريات صحة الحكم بقبض الدين، فقد ثبت في ضمن إثبات حق العبد لا قصدا، ولهذا قال في البحر عن الخلاصة بعدما ذكره الشارح هنا:
لان إثبات مجئ رمضان لا يدخل تحت الحكم، حتى لو أخبر رجل عدل القاضي بمجئ رمضان يقبل ويأمر الناس بالصوم: يعني في يوم الغيم، ولا يشترط لفظة الشهادة وشرائط القضاء، أما في العيد فيشترط لفظ الشهادة، وهو يدخل تحت الحكم لأنه من حقوق العباد اه.
قلت: والحاصل أن رمضان يجب صومه بلا ثبوت، بل بمجرد الاخبار لأنه من الديانات، ولا يلزم من وجوب صومه ثبوته كما مر، وحينئذ ففائدة إثباته على الطريق المذكور عدم توقفه على الجمع العظيم لو كانت السماء مصحية، لان الشهادة هنا على حلول الوكالة بدخول الشهر لا على رؤية الهلال، ولا شك أن حلول الوكالة يكتفى فيها بشاهدين لأنها مجرد حق عبد، ولا تثبت إلا بثبوت الدخول وإذا ثبت دخوله ضمنا وجب صومه، ونظيره ما سنذكره فيما لو تم عدد رمضان ولم ير هلال الفطر للعلة يحل الفطر، وإن ثبت رمضان بشهادة واحد لثبوت الفطر تبعا وإن كان لا يثبت قصدا إلا بالعدد والعدالة، هذا ما ظهر لي. قوله: (شهدوا) منم إطلاق الجمع على ما فوق الواحد.
وفي بعض النسخ شهدا بضمير التثنية وهو أولى. قوله: (شاهدان) أي بناء على أنه كان بالسماء علة، أو كان القاضي يرى ذلك فارتفع بحكمه الخلاف، أو على الرواية التي اختارها في البحر كما مر. قوله: (في ليلة كذا) لا بد منه ليتأتى الالزام بصوم يومها ط. قوله: (وقضى) أي وأنه قضى فهو عطف على شهد. قوله: (ووجد استجماع شرائط الدعوى) هكذا في الذخيرة عن مجموع النوازل، وكأنه مبني على ما قدمناه عن الخانية من بحث اشتراط الدعوى على قياس قول الإمام، أو ليكون شهادة على القضاء بدليل التعليل بقوله: لان قضاء القاضي حجة لأنه لا يكون قضاء إلا عند ذلك. والظاهر أن المراد من القضاء به القضاء ضمنا كما تقدم طريقه، وإلا فقد علمت أن الشهر لا يدخل تحت الحكم. قوله: (أي جاز) الظاهر أن المراد بالجواز الصحة فلا ينافي الوجوب. تأمل قوله. قوله: (لأنه حكاية) فإنهم لم يشهدوا بالرؤية ولا على شهادة غيرهم، وإنما حكوا رؤية غيرهم، كذا في فتح القدير، قلت: وكذا لو شهدوا برؤية غيرهم وأن قاضي تلك المصر أمر الناس بصوم رمضان، لأنه حكاية لفعل القاضي أيضا وليس بحجة، بخلاف قضائه، ولذا قيد بقوله ووجد استجماع شرائط الدعوى كما قلنا. فتأمل. قوله: (نعم الخ) في الذخيرة قال شمس الأئمة الحلواني: الصحيح من مذهب أصحابنا أن الخبر إذا استفاض وتحقق فيما بين أهل البلدة الأخرى يلزمهم حكم هذه البلدة اه. ومثله في الشرنبلالية عن المغني.