ونوى الصوم بعد الاكل جاز، لان أكل الناسي لا يفطره. وقيل: لا يجوز كما في القنية، وبه جزم في السراج والشرنبلالية، وسيأتي تمام الكلام عليه في أول الباب الآتي. قوله: (رأى مكلف) أي مسلم بالغ عاقل ولو فاسقا كما في البحر عن الظهيرية، فلا يجب عليه لو صبيا أو مجنونا، وشمل ما لو كان الرائي إماما فلا يأمر الناس بالصوم، ولا بالفطر إذا رآه وحده ويصوم هو كما في الامداد وأفاد الخير الرملي أنه لو كانوا جماعة وردت شهادتهم لعدم تكامل الجمع العظيم فالحكم فيهم كذلك. قوله:
(بدليل شرعي) هو إما فسقه أو غلطه. نهر. وفي القهستاني: بفسقه لو السماء متغيمة أو تفرده لو كانت مصحية. قوله: (صام) أي صوما شرعيا لأنه المراد حيث أطلق شرعا، ويدل عليه ما بعده، وفيه إشارة إلى رد قول الفقيه أبي جعفر إن معناه في هلال الفطر لا يؤكل ولا يشرب، ولكن ينبغي أن يفسده لأنه يوم عيد عنده، وإلى رد قول بعض مشايخنا من أنه يفطر فيه سرا كما في البحر، وإليه أشار الشارح بقوله مطلقا أي في هلال رمضان والفطر.
تنبيه: لو صام رائي هلال رمضان وأكمل العدة لم يفطر إلا مع الامام، لقوله عليه الصلاة والسلام: صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون رواه الترمذي وغيره. والناس لم يفطروا في مثل هذا اليوم فوجب أن لا يفطر. نهر. قوله: (وجوبا وقيل ندبا) قال في البدائع: المحققون قالوا:
لا رواية في وجوب الصوم عليه. وإنما الرواية أنه يصوم، وهو محمول على الندب احتياطا اه.
قال في التحفة: يجب عليه الصوم. وفي المبسوط: عليه صوم ذلك اليوم، وهو ظاهر استدلالهم في هلال رمضان بقوله تعالى: * (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) * - وفي العيد بالاحتياط.
نهر. وما في البدائع مخالف لما في أكثر المعتبرات من التصريح بالوجوب. نوح.
قلت: والظاهر أن المراد بالوجوب المصطلح لا الفرض، لان كونه من رمضان ليس قطعيا، ولذا ساغ القول بندب صومه وسقطت الكفارة بفطره، ولو كان قطعيا للزم الناس صومه، على أن الحسن وابن سيرين وعطاء قالوا: لا يصوم إلا مع الامام كما نقله في البحر، فافهم. قوله: (قضى فقط) أي بلا كفارة. قوله: (لشبهة الرد) علة لما تضمنه قوله فقط من عدم لزوم الكفارة: أي أن القاضي لما رد قوله: بدليل شرعي أورث شبهة، وهذه الكفارة تندرئ بالشبهات. هداية. ولا يخفى أن هذه علة لسقوط الكفارة في هلال رمضان، أما في هلال الفطر فلكونه يوم عيد عنده.
كما في النهر وغيره، وكأنه تركه لظهوره. قوله: (قبل الرد لشهادته) وكذا لو لم يشهد عند الامام وصام ثم أفطر كما في السراج. قوله: (لان ما رآه الخ) يروى أن عمر رضي الله عنه أمر الذي قال: رأيت الهلال، أن يمسح حاجبيه بالماء، ثم قال له: أين الهلال؟ فقال: فقدته، فقال شعرة:
قامت بين حاجبيك فحسبتها هلالا. سراج. قال ح: وهذا إنما يصلح تعليلا لعدم الكفارة في هلال رمضان، أما في هلال شوال فإنما لا يجب لأنه يوم عيد عنده على نسق ما تقدم. قوله: