الهداية وشروحها وغيرها بأن المنهي عنه هو التقدم على رمضان بصوم رمضان، ووجه تخصيصه بيوم أو يومين أن صومه عن رمضان إنما يكون غالبا عند توهم النقصان في شهر أو شهرين، فيصوم يوما أو يومين عن رمضان على ظن أن ذلك احتياط كما أفاده في الامداد والسعدية. وقال في الفتح: وعليه فلا يكره صوم واجب آخر في يوم الشك. وقال: وهو ظاهر كلام التحفة حيث قال:
وقد قام الدليل على أن الصوم فيه عن واجب آخر، وعن التطوع مطلقا لا يكره، فثبت أن المكروه ما قلنا: يعني صوم رمضان، وهو غير بعيد من كلام الشارحين والكافي وغيرهم حيث ذكروا أن المراد من حديث التقدم هو التقدم بصوم رمضان، قالوا: ومقتضاه أن لا يكره واجب آخر أصلا، وإنما كره لصورة النهي في حديث العصيان الآتي، وتصحيح هذا الكلام أن يكون معناه: يترك صومه عن واجب آخر تورعا، وإلا فبعد وجوب كون المراد من النهي عن التقدم صوم رمضان كيف يوجب حديث العصيان منع غيره مع أنه يجب أن يحمل على ما حمل عليه حديث التقدم، إذ لا فرق بينهما اه ما في الفتح ملخصا. وفي التاترخانية تصحيح عدم الكراهة: أي التحريمية، فلا ينافي أن التورع تركه تنزيها، وفي المحيط: كان ينبغي أن لا يكره بنية واجب آخر، إلا أنه وصف بنو كراهة احتياطا فلا يؤثر في نقصان الثواب كالصلاة في الأرض المغصوبة اه. قوله: (فلا أصل له) كذا قال الزيلعي، ثم قال: ويروى موقوفا على عمار بن ياسر وهو في مثله كالمرفوع اه.
قلت: وينبغي حمل نفي الأصلية على الرفع كما حمل بعضهم قول النووي في حديث صلاة النهار عجماء إنه لا أصل له، على أن المراد لا أصل لرفعه، وإلا فقد ورد موقوفا على مجاهد وأبي عبيدة، وكذا هذا أورده البخاري معلقا بقوله: وقال صلة عن عمار من صام الخ قال في الفتح وأخرجه أصحاب السنن الأربعة وغيرهم، وصححه الترمذي عن صلة بن زفر قال: كنا عند عمار في اليوم الذي يشك فيه، فأتي بشاة مصلية فتنحى بعض القوم، فقال عمار من صام اليوم فقد عصى أبا القاسم. قال في الفتح وكأنه فهم من الرجل المتنحي أنه قصد صومه عن رمضان فلا يعارض ما مر، وهذا بعد حمله على السماع من النبي (ص، والله سبحانه أعلم. قوله: (وإلا يصومه الخواص) أي وإن لم يوافق صوما يعتاده ولا صام من آخر شعبان ثلاثة فأكثر استحب صومه للخواص، قال في الفتح: وقيده في التحفة بكونه على وجه لا يعلم ذلك كي لا يعتادوا صومه فيظنه الجهال زيادة على رمضان، ويدل عليه قصة أبي يوسف المذكورة في الامداد وغيره.
حاصلها أن أسد بن عمرو سأله: هل أنت مفطر؟ فقال له في أذنه: أنا صائم. وفي قومه يصومه الخواص إشارة إلى أنهم يصبحون صائمين لا متلومين، بخلاف العوام، لكن في الظهيرية:
الأفضل أن يتلوم غير آكل ولا شارب ما لم يتقارب انتصاف النهار، فإن تقارب فعامة المشايخ على أنه ينبغي للقضاة والمفتين أن يصوموا تطوعا ويفتوا بذلك خاصتهم ويفتوا العامة الافطار، وهذا يفيد أن التلوم أفضل في حق الكل كما في النهر، لكن في الهداية والمحيط والخانية وغيرها أن المختار أن يصوم المفتي بنفسه أخذا بالاحتياط، ويفتي العامة بالتلوم إلى وقت الزوال ثم بالافطار، والتلوم:
الانتظار كما في المغرب. قوله: (بعد الزوال) في العزمية عن خط بعض العلماء في هامش الهداية:
إنما لم يقل بعد الضحوة الكبرى مع أنه مختاره سابقا لان الاحتياط هنا التوسعة. قوله: (نفيا لتهمة