المذكور مستغرقا بحاجته، فلا تحرم عليه الصدقة ولا يجب به ما بعدها. قوله: (كما مر) أي في قوله أيضا وغنى. قوله: (ونفقة المحارم) أي الفقراء العاجزين عن الكسب أو الإناث إذا كن فقيرات، وقيد بهم لاخراج الأبوين الفقيرين، فإن المختار أن يدخلهما في نفقته إذا كان كسوبا. قوله: (هي ما يجب بمجرد التمكن من الفعل) اعترض بأن هذا تعريف للواجب المشروط بالقدرة الممكنة بكسر الكاف المشددة، وعرفها في التوضيح بأدنى ما يتمكن به المأمور من أداء ما لزمه من غير خرج غالبا، ثم فسرها بسلامة الأسباب والآلات، وقيد بقوله من غير حرج غالبا لأنهم جعلوا منها الزاد والراحلة في الحج، فإنهما من الآلات التي هي وسائط في حصول المطلوب، مع أنه يتمكن من الحج بدونهما، لكن بحرج عظيم في الغالب كما في التلويح، وكذا النصاب الغير النامي في الفطرة فإنه يتمكن من إخراجها بدونه، لكن بحرج في الغالب. قال في التلويح: وهذه القدرة شرط لأداء كل واجب فضلا من الله تعالى، لان القدرة التي يمتنع التكليف بدونها هي ما يكون عند مباشرة الفعل، فاشتراط سلامة الأسباب والآلات قبل الفعل يكون فضلا منه تعالى. قوله: (فلا يشترط بقاؤها) أي بقاء هذه القدرة وهي النصاب هنا حتى لو هلك بعد فجر يوم النحر لا تسقط الفطرة، وكذا هلاك المال في الحج كما يأتي. قوله: (لأنها شرط محض) أي ليس فيه معنى العلة المؤثرة، بخلاف القدرة الميسرة كما يأتي. قوله: (ميسرة) بضم الميم وكسر السين المشددة. قوله: (هي ما يجب الخ) فيه ما تقدم من الاعتراض، وهي كما في التلويح ما يوجب يسر الأداء على العبد ما ثبت الامكان بالقدرة الممكنة، فهي كرامة من الله تعالى في الدرجة الثانية من القدرة الممكنة، ولهذا شرطت في أكثر الواجبات المالية التي أداؤها أشق على النفس عند العامة، وذلك كالنماء في الزكاة، فإن الأداء ممكن بدونه إلا أنه يصير به أيسر، حيث لا ينقص أصل المال وإنما يفوت بعض النماء.
ثم القدرة الممكنة لما كانت شرطا للتمكن من الفعل وإحداثه كانت شرطا محضا ليس فيه معنى العلة فلم يشترط بقاؤها لبقاء الواجب، إذ البقاء غير الوجود، وشرط الوجود لا يلزم أن يكون شرطا للبقاء كالشهود في النكاح شرط للانعقاد دون البقاء. بخلاف الميسرة فإنها شرط فيه معنى العلة لأنها غرت صفة الواجب من العسر إلى اليسر، إذا جاز أن يجب بمجرد القدرة الممكنة لكن بصفة العسر، فأثرت فيه القدرة الميسرة وأوجبته بصفة اليسر، فيشترط دوامها نظرا إلى معنى العلية، لأن هذه العلة مما لا يمكن بقاء الحكم بدونها، إذ لا يتصور اليسر بدون القدرة الميسرة، والواجب لا يبقى بدون صفة اليسر، لأنه لم يشرع إلا بتلك الصفة، فلهذا اشترط بقاء القدرة الميسرة دون الممكنة، مع أن ظاهر النظر يقتضي أن يكون الامر بالعكس، إذ الفعل لا يتصور بدون الامكان ويتصور بدون اليسر اه. قوله: (فغيرته الخ) أي باعتبار أنه كان يجوز أن يجب بصفة العسر: أي بمجرد القدرة الممكنة كما مر، فلما وجب بالقدرة الميسرة فكأنه تغير من العسر إلى اليسر. قوله:
(لأنها شرط في معنى العلة) أي والحكم يدور مع علته وجودا وعدما ط. قوله: (ثم فرع عليه) أي