لا نفس الوجوب الذي مناطه وجود السبب وهو الرأس ح. وفي البحر: والإضافة فيها من إضافة الشئ إلى شرطه، وهو مجاز لان الحقيقة إضافة الحكم إلى سببه وهو الرأس اه: أي لأنها على الأول لأدنى مناسبة مثل كوكب الخرقاء، وعلى الثاني بمعنى اللام الاختصاصية. قوله: (والفطر لفظ إسلامي) اصطلح عليه الفقهاء كأنه من الفطرة بمعنى الخلقة، كذا في البحر تبعا للزيلعي. والظاهر أن مراده أن الفطر المضاف إليه الصدقة الذي هو اسم لليوم المخصوص لفظ شرعي: أي إطلاقه على ذلك اليوم بخصوصه اصطلاح شرعي، إذ لا شك أن الفطر الذي هو ضد الصوم لغوي مستعمل قبل الشرع، أو مراده لفظ الفطرة بالتاء بقرينة التعليل (1). ففي النهر عن شرح الوقاية أن لفظ الفطرة الواقع في كلام الفقهاء وغيرهم مولد، حتى عده بعضهم من لحن العامة اه: أي إن الفطرة المراد بها الصدقة غير لغوية لأنها لم تأت بهذا المعنى، وأما ما في القاموس من أن الفطرة بالكسر صدقة الفطر والخلقة فاعترضه بعض المحققين بأن الأول غير صحيح، لان ذلك المخرج لم يعلم إلا من الشارع، وقد عد من غلط القاموس ما يقع كثيرا فيه مخلط الحقائق الشرعية باللغوية اه.
لكن في المغرب. وأما قوله في المختصر: الفطرة نصف صاع من بر، فمعناها: صدقة الفطر، وقد جاءت في عبارات الشافعي وغيره، وهي صحيحة من طريق اللغة وإن لم أجدها فيما عندي من الأصول اه. وفي تحرير النووي: هي اسم مولد ولعلها من الفطرة التي هي الخلقة. قال أبو محمد الأبهري: معناها زكاة الخلقة كأنها زكاة البدن اه. وفي المصباح: وقولهم: تجب الفطرة، الأصل تجب زكاة الفطرة وهي البدن، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه واستغنى به في الاستعمال لفهم المعنى اه. ومشى عليه القهستاني، ولهذا نقل بعضهم أنها تسمى صدقة الرأس وزكاة البدن.
والحاصل: أن لفظ الفطرة بالتاء لا شك في لغويته ومعناه: الخلقة، وإنما الكلام في إطلاقه مرادا به المخرج، فإن أطلق عليه بدون تقدير فهو اصطلاح شرعي مولد، وأما مع تقدير المضاف فالمراد بها المعنى اللغوي، ولعل هذا وجه الصحة الذي أراده صاحب المغرب، وأما لفظ الفطر بدون تاء فلا كلام في أنه معنى لغوي، وبهذا تعلم ما في كلام الشارح (2) تبعا للنهر، فافهم. قوله:
(وأمر بها) أي بإخراجها. وفي حاشية نوح: والحاصل أن فرض صيام رمضان في شعبان بعد ما حولت القبلة إلى الكعبة وأمر النبي (ص) بزكاة الفطر قبل العيد بيومين وذلك قبل أن تفرض زكاة الأموال، وهذا هو الصحيح، ولهذا قيل: إنها منسوخة بالزكاة وإن كان الصحيح خلافه اه. قوله:
(وكان عليه الصلاة والسلام الخ) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن عبد الله بن ثعلبة، قال خطب