للاختصاص لا للملك. قوله: (يعم الساعي) هو من يسعى في القبائل لجمع صدقة السوائم والعاشر من نصبه الامام على الطرق ليأخذ العشر ونحوه في المارة. قوله: (لأنه فرغ نفسه) أي فهو يستحقه عمالة، ألا ترى أن أصحاب الأموال لو حملوا الزكاة إلى الامام لا يستحق شيئا، ولو هلك ما جمعه من الزكاة لم يستحق شيئا كالمضارب إذا هلك مال المضاربة، إلا أن فيه شبهة الصدقة بدليل سقوط الزكاة عن أرباب الأموال فلا تحل للعامل الهاشمي تنزيها لقرابة النبي (ص) عن شبهة الوسخ، وتحل للغني لأنه لا يوازي الهاشمي في استحقاق الكرامة فلا تعتبر الشبهة في حقه. زيلعي. على أن منع العامل الهاشمي من الاخذ صريح في السنة كما بسطه في الفتح. قال في النهر: وفي النهاية: استعمل الهاشمي على الصدقة فأجري له منها رزق لا ينبغي له أخذه، ولو عمل ورزق من غيرها فلا بأس به.
قال في البحر: وهذا لا يفيد صحة توليته، وأن أخذه منها مكروه لا حرام اه. والمراد كراهة التحريم لقولهم: لا يحل، لكن ما مر من أن شرائط الساعي أن لا يكون هاشميا يعارضه، وهذا الذي ينبغي يعول عليه اه ما في النهر.
أقول: الظاهر أن الإشارة في قوله، وهذا إلى ما ذكر هنا من صحة توليته. ووجهه أن ما ذكروه هنا صريح في عدم حل الاخذ مما جمعه من الصدقة لا من غيره، فلا دليل حينئذ على عدم صحة توليته عاملا إذا رزق من غيرها، وقدمنا أن اشتراط أن لا يكون هاشميا نقله في البحر عن الغاية، ولم أره لغيره، على أنه في الغاية علل ذلك بقوله: لما فيه من شبهة الزكاة، كما عللوا به هنا، فعلم أن ذلك شرط لحل الاخذ من الصدقة لا لصحة التولية، فلا يعارض ما هنا كما قدمناه هناك، والله تعالى أعلم. قوله: (فيحتاج إلى الكفاية) لكن لا يزاد على نصف ما قبضه كما يأتي، ولا يستحق لو هلك ما جمعه، لان ما يستحقه منه أجرة عمالته من وجه كما مر. قال في المعراج:
لان عمالته في معنى الأجرة وأنه يتعلق بالمحل الذي عمل فيه. فإذا هلك سقط حقه كالمضارب اه.
قلت: وهذا مفاد التفريع على قوله: لأنه فرغ نفسه لهذا العمل فإنه يفيد أن ما يأخذه ليس صدقة من كل وجه بل في مقابلة عمله، فلا ينافي ما مر من أن له شبهين، فافهم. قوله: (ما نسب للواقعات) ذكر المصنف أنه رآه بخط ثقة معزيا إليها.
قلت: ورأيته في جامع الفتاوى ونصه: وفي المبسوط لا يجوز دفع الزكاة إلى من يملك نصابا إلا إلى طالب العلم والغازي ومنقطع الحج لقوله عليه الصلاة والسلام: (يجوز دفع الزكاة لطالب العلم وإن كان له نفقة أربعين سنة) اه. قوله: (من أن طالب العلم) أي الشرعي. قوله: (إذا فرغ نفسه) أي عن الاكتساب. قال ط: المراد أنه لا تعلق له بغير ذلك، فنحو البطالات المعلومة وما يجلب له النشاط من مذهبات الهموم لا ينافي التفرع، بل هو سعي في أسباب التحصيل. قوله: (واستفادته) لعل الواو بمعنى أو المانعة الخلو ط. قوله: (لعجزه) علة لجواز الاخذ ط. قوله: (والحاجة داعية الخ) الواو للحال.