قلت: وهو صريح في جواز دفع الزكاة إليه وإن ملك نصابا زائدا على بدل الكتابة وسنذكر عن القهستاني ما يفيده. قوله: (لغير هاشمي) لأنه إذا لم يجز دفعها لمعتق الهاشمي الذي صار حرا يدا ورقبة، فمكاتبه الذي بقي مملوكا رقبة بالأولى. وفي البحر عن المحيط: وقد قالوا: إنه لا يجوز لمكاتب هاشمي لان الملك يقع للمولى من وجه والشبهة ملحقة بالحقيقة في حقهم اه: أي إن المكاتب وإن صار حرا يدا حتى يملك ما يدفع إليه لكنه مملوك رقبه ففيه شبهة وقوع الملك لمولاه الهاشمي، والشبهة معتبرة في حقه لكرامته، بخلا ف الغني كما مر في العامل، فلذا قيد بقوله في حقهم: أي حق بني هاشم. وأنت خبير بأن ما ذكر من التعليل مسوق في كلام البحر لعدم الجواز لمكاتب الهاشمي لا لمنع تصرف المكاتب في المسألة التي توقف في حكمها أو لا، بل لا يفيد التعليل المذكور ذلك أصلا، فافهم. قوله: (حل لمولاه) لأنه انتقل إليه بملك حادث بعد ما ملكه المكاتب لأنه حر يدا، وتبدل الملك بمنزلة تبدل العين، وفي الحديث الصحيح هو لها صدقة ولنا هدية. قوله: (كفقير استغنى) أي وفضل معه شئ مما أخذه حالة الفقر، لان المعتبر في كونه مصرفا هو وقت الدفع، وكذا يقال في ابن السبيل. قوله: (وسكت عن المؤلفة قلوبهم) كانوا ثلاثة أقسام: قسم كفار كان عليه الصلاة والسلام يعطيهم ليتألفهم على الاسلام. وقسم كان يعطيهم ليدفع شرهم. وقسم أسلموا وفيهم ضعف في الاسلام، فكان يتألفهم ليثبتوا، وكان ذلك حكما مشروعا ثابتا بالنص، فلا حاجة إلى الجواب عما يقال: كيف يجوز صرفها إلى الكفار بأنه كان من جهاد الفقراء (1) في ذلك الوقت أو من الجهاد، لأنه تارة بالسنان وتارة بالاحسان. أفاده في الفتح. قوله:
(لسقوطهم) أي في خلافة الصديق لما منعهم عمر رضي الله تعالى عنهما وانعقد عليه إجماع الصحابة، نعم على القول بأنه لا إجماع إلا عن مستند يجب علمهم بدليل أفاد نسخ ذلك قبل وفاته (ص) أو تقييد الحكم بحياته أو كونه حكما مغيا بانتهاء علته وقد اتفق انتهاؤها بعد وفاته. وتمامه في الفتح، لكن لا يجب علمنا نحن بدليل الاجماع كما هو مقرر في محله. قوله: (إما بزوال العلة) هي إعزاز الدين، فهو من قبيل انتهاء الحكم لانتهاء علته الغائية التي كان لأجلها الدفع، فإن الدفع كان للإعزاز، وقد أعز الله الاسلام وأغنى عنهم. بحر. لكن مجرد التعليل بكونه معللا بعلة انتهت لا يصلح دليلا على نفي الحكم المعلل، لان الحكم لا يحتاج في بقائه إلى بقاء علته (2)، لاستغنائه في البقاء عنها لما علم في الرق والاضطباع والرمل، فلا بد من دليل يدل على أن هذا الحكم مما شرع مقيدا بقاؤه ببقائها، لكن لا يلزمنا تعيينه في محل الاجماع فنحكم بثبوت الدليل وإن لم يظهر لنا، على أن الآية التي ذكرها عمر تصلح لذلك، وهي قوله تعالى: * (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن