ثم نقل صاحب القنية عن شيخه بديع أن فيه إشكالا، لان إعطاءه إعانة للظالم على ظلمه، فإن أكثر النوائب في زماننا بطريق الظلم، فمن تمكن من دفع الظلم عن نفسه فذلك خير له اه ملخصا.
وعليه مشى ابن وهبان في منظومته، وأجاب ابن الشحنة بأن الاشكال مدفوع بما فيه من أنواع الظلم على الضعيف العاجز بواسطة دفعه عن نفسه اه.
قلت: فيه نظر، فإن ما حرم أخذه حرم إعطاءه كما في الأشباه: أي إلا لضرورة، فإذا كان الظالم لا بد من أخذه المال على كل حال لا يكون العاجز عن الدفع عن نفسه آثما بالاعطاء، بخلاف القادر فإنه بإعطائه ما يحرم أخذه يكون معينا على الظلم باختياره. تأمل. قوله: (حصته) مفعول تحمل وباقيهم فاعله: أي باقي جماعته. قوله: (وتصح الكفالة بها) أي بالنائبة سواء كانت بحق ككرى النهر المشترك للعامة، وأجرة الحارس للمحلة المسمى بديار مصر الخفير، وما وظف للامام ليجهز به الجيوش وفداء الأسارى بأن احتاج إلى ذلك ولم يكن في بيت المال شئ فوظف على الناس ذلك والكفالة به جائزة اتفاقا، أو كانت بغير حق كجبايات زماننا فإنها في المطالبة كالديون بل فوقها، حتى لو أخذت من الأكار، فله الرجوع على مالك الأرض، وعليه الفتوى. وقيده شمس الأئمة بما إذا أمره به طائعا، فلو مكرها في الامر لم يعتبر أمره بالرجوع. ذكره الشارح وصاحب النهر في الكفالة ط.
قلت: ومعنى صحة الكفالة بالنائبة التي بغير حق أن الكفيل إذا كفل غيره بها بأمره كان له الرجوع عليه بما أخذه الظالم منه، لا بمعنى أنه يثبت للظالم حق المطالبة على الكفيل، فلا يرد ما قيل: إن الظلم يجب إعدامه فكيف تصح الكفالة به؟ كما سنحققه في محله إن شاء الله تعالى. قوله:
(ويؤجر من قام بتوزيعها بالعدل) أي بالمعادلة كما عبر في القنية: أي بأن يحمل كل واحد بقدر طاقته، لأنه لو ترك توزيعها إلى الظالم ربما يحمل بعضهم ما لا يطيق فيصير ظلما على ظلم، ففي قيام العارف بتوزيعها بالعدل تقليل للظلم فلذا يؤجر، وهذا اليوم كالكبريت الأحمر، بل هو أندر.
قوله: (وهذا يعرف الخ) المشار إليه غير مذكور في كلامه، وأصله في القنية حيث قال: وقال أبو جعفر البلخي: ما يضر به السلطان على الرعية مصلحة لهم يصير دينا واجبا وحقا مستحقا كالخراج، وقال مشايخنا: وكل ما يضر به الامام عليهم لمصلحة لهم فالجواب هكذا، حتى أجره الحراسين لحفظ الطريق واللصوص ونصب الدروب وأبواب السكك، وهذا يعرف ولا يعرف خوف الفتنة: ثم قال: فعلى هذا ما يؤخذ في خوارزم من العامة لاصلاح مسناة الجيحون أو الربض ونحوه من مصالح العامة دين واجب لا يجوز الامتناع عنه، وليس بظلم، ولكن يعلم هذا الجواب للعمل به، وكف اللسان عن السلطان وسعاته، فيه لا للتشهير حتى لا يتجاسروا في الزيادة على القدر المستحق اه.
قلت: وينبغي تقييد ذلك بما إذا لم يوجد في بيت المال ما يكفي لذلك لما سيأتي في الجهاد من أنه يكره الجعل إن وجد فئ. قوله: (يجوز تر ك الخراج للمالك الخ) سيأتي في الجهاد متنا وشرحا ما نصه: ترك السلطان أو نائبه الخراج لرب الأرض أو وهبه ولو بشفاعة جاز عند