القولين توفيقا بينهما كما قلنا، فقد ظهر أن ما عزاه الشارح هنا إلى الخانية محمول على حالة العجز بدليل عبارة الخانية الثانية، هذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم. وسيأتي تمام تحقيق ذلك في باب الجزية وأن المعتمد عدم السقوط. قوله: (والأول ظاهر الرواية) أقول: قال في الذخيرة: ولا يسقط العشر بموت من عليه في ظاهر الرواية. وروى ابن المبارك عن أبي حنيفة أنه يسقط، ثم قال بعد ورقتين: ويسقط خراج الأرض بموت من عليه إذا كان خراج وظيفة في ظاهر الرواية. وروى ابن المبارك أنه لا يسقط فوقع الفرق بين الخراج والعشر على الروايتين اه. ويظهر من تقييده السقوط بخراج الوظيفة أن خراج المقاسمة لا يسقط كالعشر في ظاهر الرواية، فافهم. قوله: (وجب الخراج أي الموظف. أما خراج المقاسمة فلا يجب كما سيذكره المصنف في باب العشر والخراج: أي لتعلقه بالخارج كما قدمناه. قوله: (ويسقطان) أي العشر وخراج المقاسمة لتعلقهما بعين الخارج، أما الموظف فإن هلك الخارج قبل الحصار يسقط وبعده لا. ح عن الهندية عن السراج والخانية.
وفي البزازية: هلاك الخارج بعد الحصاد لا يسقطه، وقبله يسقط لو بآفة لا تدفع كالغرق والحرق وأكل الجراد والحر والبرد، أما إذا أكلته الدابة فلا إمكان الحفظ عنها غالبا. هذا إذا هلك الكل، أما إذا بقي البعض إن مقدار قفيزين ودرهمين وجب قفيز ودرهم، وإن أقل يجب نصفه، وإنما يسقط إذا لم يبق من السنة ما يتمكن فيه من زراعة ما اه: أي من زراعة أي شئ كان قمحا أو شعيرا أو غيرهما. قوله: (والخراج على الغاصب) قال في الخانية: أرض خراجها وظيفة اغتصبها غاصب جاحدا، ولا بينة للمالك إن لم يزعها الغاصب، فلا خراج على أحد، وإن زرعها الغاصب ولم تنقصها الزراعة فالخراج على الغاصب، وإن كان الغاصب مقرا بالغصب أو كان للمالك بينة ولم تنقصها الزراعة فالخراج على رب الأرض اه.
قلت: وفي الذخيرة: قال بعض المشايخ: على المالك، وقال بعضهم: على الغاصب على كل حال اه.
ثم قال في الخانية: وإن نقصتها الزراعة عند أبي حنيفة على رب الأرض قل النقصان أو كثر، كأنه آجرها من الغاصب بضمان النقصان. وعند محمد: على الغاصب، فإن زاد النقصان على الخراج يدفع الفضل إلى المالك، وإن غصب عشرية فزرعها إن لم تنقصها الزراعة فلا عشر على المالك، وإن نقصتها فالعشر على المالك كأنه آجرها بالنقصان اه. قال ح: وظاهر أن حكم دات خراج المقاسمة كالعشرية. قوله: (في بيع الوفاء) هو المسمى بيع الطاعة وهو المشروط فيه رجوع المبيع للبائع متى رد الثمن على المشتري، وسيأتي مع الأقوال فيه آخر البيوع قبيل كتاب الكفالة إن شاء الله تعالى. قوله: (على البائع إن بقي في يده) أما إذا قبضه المشتري وزرع فيه وأخذ الغلة فالخراج عليه، لأنه في الحقيقة رهن فيصير بالزراعة غاصبا، إذ ليس للمرتهن الانتفاع بالرهن فيكون