الدخول في الظهر والتطوع يجوز عن الفر ض عند أبي يوسف. ورواه الحسن عن أبي حنيفة. وعند محمد: لا يكون داخلا لان الفر ض مع النفل في الصلاة جنسان مختلفان لا رجحان لأحدهما على الآخر في التحريمة. فمتى نواهما تعارضت النيتان فلغتا. ولأبي يوسف أن الفرض أقوى فتندفع نية الأدنى كمن نوى حجة الاسلام والتطوع ا ه ملخصا. ومثله في البحر.
أقول: الذي يظهر لي أن هذا الخلاف لا يجري في مسألتنا، لان الفريضة إذا قامت مقام التحية وحصل المقصود بها لم تبق التحية مطلوبة، لان المقصود تعظيم المسجد بأي صلاة كانت، ولا يؤمر بتحية مستقلة إلا إذا دخل لغير لصلاة كما مر، وحينئذ فإذا نواها مع الفريضة يكون قد نوى ما تضمنته الفريضة وسقط بها، فلم يكن ناويا جنسا آخر على قول محمد، بخلاف ما إذا نوى فرض الظهر وسنته مثلا، فليتأمل. بل لقائل أن يقول: إن الأولى أن ينويها بذلك الفرض ليحصل له ثوابها: أي ينوي بإيقاع الفرض في المسجد تحية الله تعالى أو تعظيم بيته، لان سقوطها به وعدم طلبها لا يستلزم الثواب بلا قصدها.
ثم رأيت المحقق ابن حجر من الشافعية كتب عند قول المنهاج: وتحصل بفرض أو نفل آخر ما نصه: وإن لم ينوها معه. لأنه لم ينتهك حرمة المسجد المقصودة: أي يسقط طلبها بذلك، أما حصول ثوابها فالوجه توقفه على النية، لحديث إنما الأعمال بالنيات وزعم أن الشارع أقام فعل غيرها مقام فعلها فيحصل، أي الثواب وإن لم ينو بعيد وإن قيل إن كلام المجموع يقتضيه، ولو نوى عدمها لم يحصل شئ من ذلك اتفاقا كما هو ظاهر أخذا مما بحثه بعضهم في سنة الطواف، وإنما ضرت نية ظهر وسنة مثلا، لأنها مقصودة لذاتها بخلاف التحية ا ه. وقوله: وإنما ضرت الخ، هو عين ما بحثته أولا أيضا ولله الحمد، فإن ما قاله لا يخالف قواعد مذهبنا. قوله: (وتكفيه لكل يوم مرة) أي إذا تكرر دخوله لعذر. وظاهر إطلاقه أنه مخير بين أن يؤديها في أول المرات أو آخرها ط.
قوله: (ولا تسقط بالجلوس عندنا) فإنهم قالوا في الحاكم إذا دخل المسجد للحكم: إن شاء صلى التحية عند دخوله أو عند خروجه لحصول المقصود كما في الغاية. وأما حديث الصحيحين إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين فهو بيان للأولى، لحديث ابن حبان في صحيحه يا أبا ذر للمسجد تحية، وإن تحيته ركعتان، فقم فاركعها وتمامه في الحلية. قوله:
(وفي الضياء الخ) عبارته وقال بعضهم: من دخل المسجد ولم يتمكن من تحية المسجد إما لحدث أو لشغل أو نحوه يستحب له أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر قاله أبو طالب المكي في قوت القلوب ا ه. وقدمنا نحوه عن القهستاني.
خاتمة: يستثنى من المساجد المسجد الحرام بالنسبة إلى أول دخول الآفاقي (1) المحرم، فإن تحيته الطواف، وفيه تأمل، كذا في الحلية، ولعل وجه التأمل إطلاق المسجد في الحديث المار.
وفي النهر: واتفقوا على أن الامام لو كان يصلي المكتوبة أو أخذ المؤذن في الإقامة أنه