رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين. أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين ا ه أقول: وقد عقد في آخر الحلية فصلا مستقلا لصلاة الحاجة، وذكر ما فيها من الكيفيات والروايات والأدعية، وأطال وأطاب كما هو عادته رحمه الله تعالى، فليراجعه من أراده.
خاتمة: ينبغي للمسافر أن يصلي ركعتين في كل منزل قبل أن يقعد كما كان يفعل (ص) نص عليه الامام السرخسي في شرح السير الكبير. وذكر أيضا أنه إذا ابتلى المسلم بالقتل يستحب أن يصلي ركعتين يستغفر الله تعالى بعدهما، ليكون آخر عمله الصلاة والاستغفار. وذكر الشيخ إسماعيل عن شرح الشرعة: من المندوبات صلاة التوبة، وصلاة الوالدين، وصلاة ركعتين عند نزول الغيث، وركعتين في السر لدفع النفاق، والصلاة حين يدخل بيته ويخرج توقيا عن فتنة المدخل والمخرج، والله أعلم. قوله: (عملا) أي تفرض من جهة العمل لا الاعتقاد أيضا، فلا يكفر جاحدها لوقوع الخلاف فيها، فعند أبي بكر الأصم وسفيان بن عيينة وغيرهما سنة. وعند الحسن البصري وزفر والمغيرة من المالكية: فرض في ركعة. وفي رواية عن مالك: فرض في ثلاث. وعند الشافعي وأحمد والصحيح من مذهب مالك: فرض في الأربع، وتمامه في الحلية. قوله: (مطلقا) أي في الأوليين أو الأخريين أو واحد وواحدة ط.
قلت: وقد تفرض القراءة في جميع ركعات الفرض الرباعي كما مر فباب الاستخلاف فيما لو استخلف مسبوقا بركعتين، وأشار له أنه لم يقرأ في الأوليين. قوله: (على المشهور) رد لما قيل إنها في الأوليين فرض، وما قيل: إنها فيهما أفضل، لكن قدمنا في واجبات الصلاة أنه لا قائل بالفرضية في الأوليين، وإنما ذلك فهمه صاحب البحر من بعض العبارات، وقدمنا تحقيقه هناك،.
فافهم. قوله: (للمنفرد) أي ولو حكما كالامام، لانفراده برأيه، وكونه غير تابع لغيره، فخرج المقتدي فلا تفرض عليه القراءة في النفل ولو كان مقتديا بمفترض كما بيناه في باب الامام. قوله:
(لكنه الخ) أي هذا التعليل للزوم القراءة في كل النفل قاصر: لا يعم الرباعية المؤكدة، لما قدمه المصنف من أنه لا يصلي على النبي (ص) في القعدة الأولى منها ولا يستفتح إذا قام إلى الثالثة، ولو كان كشفع منها صلاة لصلى واستفتح، وهذا الاعتراض لصاحب البحر.
وقد يجاب عنه بما أشار إليه الشارح هناك من قوله: لأنها لتأكدها أشبهت الفريضة يعني أن القياس فيها ذلك، لكن لما أشبهت الفريضة روعي فيها الجانبان فأوجبوا القراءة في كل ركعاتها، والعود إلى القعدة إذا تذكرها بعد تمام القيام قبل السجود، وقضاء ركعتين فقط لو أفسدها على ما هو ظاهر الرواية كما سيأتي نظرا للأصل، ومنعوا من الصلاة والاستفتاح نظرا للشبه، كما فعلوا في الوتر.
على أن كون النفل كل شفع منه صلاة ليس على إطلاقه، بل من بعض الأوجه كما مر بيانه، وإلا لزم أن لا تصح رباعية بترك القعدة الأولى منها، مع أن الاستحسان أنها تصح اعتبارا لها بالفرض، خلافا لمحمد، نعم لو تطوع بست ركعات أو ثمان بقعدة واحدة فالأصح أنه لا يجوز كما في الخلاصة، لأنه ليس في الفرائض ست يجوز أداؤها بقعدة، فيعود الامر فيه إلى القياس كما في البدائع، وسيأتي فيه