سفره ما دام عازما على الخروج قبل خمسة عشر يوما. أفاده الرحمتي.
قيل: هذه المسألة كانت سببا لتفقه عيسى بن أبان، وذلك أنه كان مشغولا بطلب الحديث قال: فدخلت مكة في أول العشر من ذي الحجة مع صاحب لي وعزمت على الإقامة شهرا، فجعلت أتم الصلاة، فلقيني بعض أصحاب أبي حنيفة فقال لي: أخطأت فإنك تخرج إلى منى وعرفات، فلما رجعت من منى بدا لصاحبي أن يخرج وعزمت على أن أصاحبه، وجعلت أقصر الصلاة، فقال لي صاحب أبي حنيفة: أخطأت، فإنك مقيم بمكة فما لم تخرج منها لا تصير مسافرا، فقلت: أخطأت في مسألة في موضعين، فرحلت إلى مجلس محمد واشتغلت بالفقه. قال في البدائع:
وإنما أوردنا هذه الحكاية ليعلم مبلغ العلم فيصير مبعثة للطلبة على طلبه ا ه بحر.
أقول: ويظهر من هذه الحكاية أن نيته الإقامة لم تعمل عملها إلا بعد رجوعه لوجود خمسة عشر يوما بلا نية خروج في أثنائها، بخلاف ما قبل خروجه إلى عرفات، لأنه لما كان عازما على الخروج قبل تمام نصف شهر لم يصر مقيما، ويحتمل أن يكون جدد نية الإقامة بعد رجوعه، وبهذا سقط ما أورده العلامة القاري في شرح اللباب من أن في كلام صاحب الامام تعارضا، حيث حكم أولا بأنه مسافر، وثانيا بأنه مقيم مع أن المسألة بحالها، والمفهوم من المتون أنه لو نوى في إحداهما نصف شهر صح، فحينئذ لا يضره خروجه إلى عرفات، إذ لا يشترط كونه نصف شهر متواليا بحيث لا يخرج فيه ا ه ملخصا.
ووجه السقوط أن التوالي لا يشترط إذا لم يكن من عزمه الخروج إلى موضع آخر لأنه يكون ناويا الإقامة في موضعين، نعم بعد رجوعه من منى صحت نيته لعزمه على الإقامة نصف شهر في مكان واحد، والله أعلم. قوله: (كما لو نوى مبيته بأحدهما) فإن دخل أولا الموضع الذي نوى المقام فيه نهارا لا يصير مقيما، وإن دخل أولا ما نوى المبيت فيه يصير مقيما، ثم بالخروج إلى الموضع الآخر لا يصير مسافرا، لان موضع إقامة الرجل حيث يبيت به. حلية. قوله: (أو كان أحدهما تبعا للآخر) كالقرية التي قربت من المصر بحيث يسمع النداء على ما يأتي في الجمعة. وفي البحر: لو كان الموضعان من مصر واحد أو قرية واحدة فإنها صحيحة لأنهما متحدان حكما، ألا ترى أنه لو خرج إليه مسافرا لم يقصر ا ه ط. قوله: (بحيث تجب) حيثية تفسير للتبعية ح. قوله:
(أو لم يكن مستقلا برأيه) عطف على قوله: إن نوى أقل منه وصورته: نوى التابع الإقامة ولم ينوها المتبوع أو لم يدر حاله فإنه لا يتم ا ه ح. والمسألة ستأتي مع بيان شروطها والخلاف فيها.
قوله: (أو دخل بلدة) أي لقضاء حاجة أو انتظار رفقة. قوله: (ولم ينوها) وكذا إذا نواها وهو مترقب للسفر كما في البحر لان حالته تنافي عزيمته. قوله: (كما مر) أي في مسألة دخول الحاج الشام.
قوله: (أو حاصر حصنا فيها) أشار به إلى أنه لا فرق في المحاصرة بين أن تكون للمدينة أو الحصن بعد ما دخلوا المدينة كما في البحر، ومثل ذلك لو كانت المحاصرة للمصر على سطح البحر فإن لسطح البحر حكم دار الحرب. حموي عن شرح النظم الهاملي ط. قوله: فإنه يتم) لان أهل