قلت: هو بحث وجيه، لكن ظاهر إطلاقهم خلافه، ولعل وجهه أالانتقال من غصن إلى غصن والتسدية ونحو ذلك أعمال أجنبية كثيرة يختلف بها المجلس حكما كالكلام والاكل الكثير، لما مر من أن المجلس يختلف حكما بمباشرة عمل يعد في العرف قطعا لما قبله، ولا شك أن هذه الأفعال كذلك، وإن كانت في المسجد أو البيت بل يختلف بها حقيقة، لان المسجد مكان واحد حكما وبهذه الافعال المشتملة على الانتقال يختلف حقيقة، بخلاف الاكل فإن الاختلاف فيه حكمي، وعلى كل يتكرر الوجوب، ولذا قيد في الواقعات الانتقال من غصن إلى غيره بما إذا احتاج إلى نزول كما قدمناه: أي ليكون عملا كثيرا.
والحاصل أن ما له حكم المكان الواحد كالمسجد والبيت لا يضر الانتقال فيه بأكثر من ثلاث خطوات ما لم يقترن بعمل أجنبي يعد في العرف قطعا لما قبله كالدياسة، والتسدية بخلاف مجرد المشي من غير عمل، بلا إطلاق كلامهم يدل على أن ذلك العمل الأجنبي كالأكل الكثير والبيع والشراء يضر هنا ولو بدون مشي وانتقال حيث لم يقيدوه بغير المسجد والبيت، ومقتضاه تكرار الوجوب لو فصل بين التلاوتين بعلم دنيوي كخياطة وحياكة ولو كان في المسجد أو البيت في مكان واحد، ولهذا قال في البدائع في تحقيق اختلاف المجلس: حكما بالبيع ونحوه، ألا ترى أن القوم يجلسون لدرس العلم فيكون مجلس الدرس ثم يشتغلون بالنكاح فيصير مجلس النكاح ثم بالبيع فيصير مجلس البيع، ثم بالاكل فيصير مجلس الاكل، فصار تبدله بهذه الافعال كتبدله بالذهاب والرجوع ا ه.
وعلى هذا فما مر عن الفتح من أنه إذا كان يدير السداء على الدائرة وهو جالس في مكان واحد، فلا يتكرر فيه نظر، إلا أن يحمل على ما إذا لم يفصل بين التلاوتين بعمل كثير من ذلك وإلا فما الفرق بين إدارة الدائرة كثيرا وبين الاكل الكثير وإرضاع الولد ونحوهما مما مر أن يختلف به المجلس. وقد يقال: إنه إذا جلس للتسدية وقرأ مرارا لا تكون التسدية فاصلة لكون المجلس لها:
وعليه يقال مثله في الاكل ونحوه، فتأمل. هذا ما ظهر لي تحريره في هذا المحل، والله تعالى أعلم.
قوله: (وفعل قليل) احترز به عن الفعل الكثير الذي يعد قاطعا للمجلس عرفا كما مر، بخلاف ما إذا طال جلوسه أو قراءته أو سبح أو هلل كما قدمناه، أو وعظ أو درس كما في التاترخانية. قوله:
(وقيام) أي في محله، ومثله لو مشى خطوتين أو ثلاثا على ما مر. قوله: (ورد سلام) أي وتشميت عاطس، بخلاف ما لو تكلم كلمات أو شرب جرعات أو عقد نكاحا أو بيعا فإنه لا يكفيه سجدة واحدة. شرح المنية. قوله: (وكذا دابة. أي سائرة ح قوله: (لان الصلاة تجمع الأماكن) ضرورة أن اختلاف المكان يمنع صحة الصلاة ومفاده التسوية بين كون التكرار في ركعة أو أكثر، وهو قول أبي يوسف وهو الأصح، خلافا لمحمد فإن عنده يتكرر الوجوب بتكرارها في ركعتين. شرح المنية.
قوله: (ولو لم يصل تتكرر) لان سيرها مضاف إليه حتى يجب عليه ضمان ما أتلفت، بخلاف سير السفينة. ح عن الدرر. قوله: (كما تتكرر) أي على السامع دون التالي، وفي عكسه بعكسه ط.
والحاصل أن من تكرر مجلسه من سامع أو تال تكرر الوجوب عليه دون صاحبه. قوله:
(وغلامه يمشي) أقول: ومثله لو كان راكبا معه لما في شرح تلخيص الجامع: لو كان المصلي على