فتأمل. قوله: (من أقصر أيام السنة) كذا في البحر والنهر، وعزاه في المعراج إلى العتاب وقاضيخان وصاحب المحيط، وبحث فيه في الحلية بأن الظاهر إبقاؤها على إطلاقها بحسب ما يصادفه من الوقوع فيها طولا وقصرا واعتدالا إن لم تقدر بالمعتدلة التي هي الوسط ا ه.
قلت: والمعتدلة هي زمان كون الشمس في الحمل أو الميزان، وعليها مشى القهستاني، ثم قال: وفي شرح الطحاوي أن بعض مشايخنا قدوره بأقصر أيا السنة. قوله: (ولا يشترط الخ) إذ لا بد للمسافر من النزول للاكل والشرب والصلاة. ولاكثر النهار حكم كله، فإن المسافر إذا بكر في اليوم الأول وسار إلى وقت الزوال حتى بلغ المرحلة فنزل بها للاستراحة وبات بها ثم بكر في اليوم الثاني وسار إلى ما بعد الزوال ونزل ثم بكر في اليوم الثالث ومشى إلى الزوال فبلغ المقصد، قال شمس الأئمة السرخسي: الصحيح أنه يصير مسافرا عند النية كما في الجوهرة والبرهان. إمداد.
ومثله في البحر والفتح وشرح المنية.
أقول: وفي قوله: حتى بلغ المرحلة إشارة إلى أنه لا بد أن يقطع في ذلك اليوم الذي ترك في أوله الاستراحات المرحلة المعتادة التي يقطعها في يوم كامل مع الاستراحات، وبهذا يظهر لك أن المراد من التقدير بأقصر أيام السنة إنما هو في البلاد المعتدلة التي يمكن قطع المرحلة المذكورة في معظم اليوم من أقصر أيامها، فلا يرد أن أقصر أيام السنة في بلاد بلغار قد يكون ساعة أو أكثر أو أقل، فيلزم أن يكون مسافة السفر فيها ثلاث ساعات أو أقل، لان القصر الفاحش غير معتبر كالطول الفاحش، والعبارات حيث أطلقت تحمل على الشائع الغالب دون الخفي النادر، ويدل على ما قلنا ما في الهداية، وعن أبي حنيفة التقدير بالمراحل وهو قريب من الأول ا ه.
قال في النهاية: أي التقدير بثلاث مراحل قريب من التقدير بثلاثة أيام، لان المعتاد من السير في كل يوم مرحلة واحدة خصوصا في أقصر أيام السنة، كذا في المبسوط ا ه. وكذا ما في الفتح من أنه قيل: يقدر بأحد وعشرين فرسخا، وقيل بثمانية عشرة، وقيل بخمسة عشر، وكل من قدر منها اعتقد أنه مسيرة ثلاثة أيام ا ه: أي بناء على اختلاف البلدان، فكل قائل قدر ما في بلده من أقصر الأيام، أو بناء على اعتبار أقصر الأيام أو أطولها أو المعتدل منها، وعلى كل فهو صريح بأن المراد بالأيام ما تقطع فيها المراحل المعتادة، فافهم. قوله: (بل إلى الزوال) فإن الزوال أكثر النهار الشرعي الذي هو الفجر إلى الغروب، وهو نصف النهار الفلكي الذي هو من الطلوع إلى الغروب، ثم إن من الفجر إلى الزوال في أقصر أيام السنة في مصر وما ساواها في العرض سبع ساعات إلا ربعا، فمجموع الثلاثة أيام عشرون ساعة وربع، ويختلف بحسب اختلاف البلدان في العرض ح.
قلت: ومجموع الثلاثة أيام في دمشق عشرون ساعة إلا ثلث ساعة تقريبا، لان من الفجر إلى الزوال في أقصر الأيام عندنا ست ساعات وثلثي ساعة إلا درجة ونصفا، وإن اعتبرت ذلك بالأيام المعتدلة كان مجموع الثلاثة أيام اثنين وعشرين ساعة ونصف ساعة تقريبا، لان من الفجر إلى الزوال سبع ساعات ونصفا تقريبا. قوله: (ولا اعتبار بالفراسخ) الفرسخ: ثلاثة أميال، والميل: أربعة آلاف ذراع على ما تقدم في باب التيمم. قوله: (على المذهب) لان المذكور في ظاهر الرواية. اعتبار ثلاثة أيا كما في الحلية. وقال في الهداية: هو الصحيح احترازا عن قول عامة المشايخ من تقديرها بالفراسخ.