التغيير انتهى. قوله: (لأنها وتر النهار) إنما سميت بذلك لقربها من النهار بوقوعها عقبه، وإلا فهي ليلية لا نهارية. تأمل. قوله: (وبهذا تجتمع الأدلة) أي فإن بعضها يدل على أن صلاة ركعتين في السفر أصل، وبعضها على أن ذلك عارض، فإذا حملت الأدلة على اختلاف الأزمان زال التعارض، لكن لا يخفى أن ما نقله شراح البخاري من الجمع بما ذكر مبني على مذهب الشافعي من أنها قصر لا إتمام، لان العمل على ما استقر عليه الامر وهو على هذا الجمع فرضيتها أربعا سفرا وحضرا ثم قصرها في السفر، وهذا خلاف مذهبنا.
وينافي هذا الجمع ما قدمناه من حديث عائشة المتفق عليه، فإنه يدل على أن صلاة المسافر لم يزد فيها أصلا. وأما الآية فالمراد بالقصر فيها قصر هيئة الصلاة وفعلها وقت الخوف، كما أوضحه في شرح المنية وغيره، فافهم. قوله: (ولو كان عاصيا بسفره) أي بسبب سفره بأن كان مبنى سفره على المعصية كما لو سافر لقطع طريق مثلا، وهذا فيه خلاف الشافعي رحمه الله، وهذا بخلاف العاصي في السفر بأن عرضت المعصية في أثنائه فإنه محل وفاق. قوله: (لان القبح المجاور الخ) هو ما يقبل الانفكاك، كالبيع وقت النداء فإنه قبح لتر ك السعي وهو قابل للانفكاك، إذ قد يوجد ترك السعي بدون البيع، وبالعكس فكذا هنا لامكان قطع الطريق والسرقة مثلا بلا سفر وبالعكس، بخلاف القبيح لعينه وضعا كالكفر أو شرعا كبيع الحر فإنه يعدم المشروعية، وتمام بيانه في كتب الأصول.
قوله: حاجة، لان مصره متعين للإقامة فلا يحتاج إلى نية. جوهرة، ودخل في موضع المقام ما ألحق به كالربض كما أفاده القهستاني. قوله: (إن سار الخ) قيد لقوله: حتى يدخل أي إنما يدوم على القصر إلى الدخول إن سار ثلاثة أيام. قوله: (وإلا فيتم الخ) أي ولو في المفازة وقياسه أن لا يحل فطره في رمضان ولو بينه وبين بلده يومان لأنه يقبل النقض قبل استحكامه إذ لم يتم علة، فكانت الإقامة نقضا للسفر العارض، لا ابتداء علة للاتمام، أفاده في الفتح. ثم بحث فقال: ولو قيل العلة مفارقة البيوت قاصدا مسيرة ثلاثة أيام لا استكمال سفره ثلاثة أيام بدليل ثبوت حكم السفر بمجرد ذلك وقد تمت العلة لحكم السفر، فيثبت حكمه ما لم تثبت علة حكم الإقامة احتاج إلى الجواب ا ه.
ولما قوي البحث عند صاحب البحر وخفي عليه الجواب قال: الذي يظهر أنه لا بد من دخوله المصر مطلقا، واعترضه في النهر بأن إبطال الدليل المعين لا يستلزم إبطال المدلول ا ه.
أقول: ويظهر لي في الجواب أن العلة في الحقيقة هي المشقة وأقيم السفر مقامها، ولكن لا تثبت عليتها إلا بشرط ابتداء وشرط بقاء، فالأول مفارقة البيوت قاصدا مسيرة ثلاثة أيام، والثاني استكمال السفر ثلاثة أيام، فإذا وجد الشرط الأول ثبت حكمها ابتداء، فلذا يقصر بمجرد مفارق العمران ناويا، ولا يدوم إلا بالشرط الثاني فهو شرط لاستحكامها علة، فإذا عزم على ترك السفر قبل تمامه بطل بقاؤها علة لقبولها النقض قبل الاستحكام، ومضى فعله في الابتداء على الصحة لوجود