وقد بدأ الله تعالى بها في قوله تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس) * بدأ المصنف بها فقال. (الظهر) أي صلاته سميت بذلك لأنها تفعل وقت الظهيرة أي شدة الحر، وقيل لأنها ظاهرة وسط النهار، وقيل لأنها أول صلاة ظهرت في الاسلام. فإن قيل: قد تقدم أن الصلوات الخمس فرضت ليلة الاسراء، فلم لم يبدأ بالصبح؟ أجيب: بجوابين الأول أنه حصل التصريح بأن أول وجوب الخمس من الظهر قاله في المجموع. الثاني: أن الاتيان بالصلاة متوقف على بيانها ولم تبين إلا عند الظهر. ولما صدر الأكثرون تبعا للشافعي رضي الله تعالى عنه الباب بذكر المواقيت لأن بدخولها تجب الصلاة وبخروجها تفوت. والأصل فيها قوله تعالى * (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون) *. قال ابن عباس: أراد بحين تمسون صلاة المغرب والعشاء، وبحين تصبحون صلاة الصبح، وبعشيا صلاة العصر، وبحين تظهرون صلاة الظهر، وخبر:
أمني جبريل عند البيت مرتين فصلى بي الظهر حين زالت الشمس وكان الفئ قدر الشراك، والعصر حين كان ظله - أي الشئ - مثله، والمغرب حين أفطر الصائم أي دخل وقت إفطاره، والعشاء حين غاب الشفق، والفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم، فلما كان الغد صلى بي الظهر حين كان ظله مثله، والعصر حين كان ظله مثليه، والمغرب حين أفطر الصائم والعشاء إلى ثلث الليل، والفجر فأسفر وقال: هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت ما بين هذين الوقتين. رواه أبو داود وغيره. وقوله (ص): صلى بي الظهر حين كان ظله مثله أي فرغ منها حينئذ كما شرع في العصر في اليوم الأول حينئذ قاله الشافعي رضي الله تعالى عنه نافيا به اشتراكهما في وقت واحد، ويدل له خبر مسلم: وقت الظهر إذا زالت الشمس ما لم تحضر العصر. تبعهم المصنف فقال: القول في وقت الظهر ابتداء وانتهاء (وأول وقتها) أي الظهر (زوال الشمس) أي وقت زوالها يعني يدخل وقتها بالزوال كما عبر به في الوجيز وغيره، وهو ميل الشمس عن وسط السماء المسمى بلوغها إليه بحالة الاستواء إلى جهة المغرب لا في الواقع، بل في الظاهر لأن التكليف إنما يتعلق به، وذلك بزيادة ظل الشئ على ظله حالة الاستواء أو بحدوثه إن لم يبق عنده ظل قال في الروضة: كأصلها