إن لم يشق عليه ذلك، وإلا اغتسل فيه ولا يكفيه التيمم على المعتمد كما بحثه النووي في مجموعه بعد نقله عن البغوي: أنه يتيمم ولا يغتسل فيه، وإطلاق الأنوار جواز الدخول للاستقاء والمكث لها بقدرها فقط محمول على هذا التفصيل.
فائدة: لا بأس بالنوم في المسجد لغير الجنب ولو لغير أعزب، فقد ثبت أن أصحاب الصفة وغيرهم كانوا ينامون فيه في زمنه (ص)، نعم إن ضيق على المصلين أو شوش عليهم حرم النوم فيه قاله في المجموع. قال: ولا يحرم إخراج الريح فيه لكن الأولى اجتنابه لقوله (ص):
إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم. القول في ما يحرم بالحدث الأصغر (ويحرم على المحدث) حدثا أصغر وهو المراد عند الاطلاق غالبا (ثلاثة أشياء) والأصح أنه مختص بالأعضاء الأربعة لأن وجوب الغسل والمسح مختصان بها، وأن كل عضو يرتفع حدثه بغسله في المغسول وبمسحه في الممسوح، وإنما حرم مس المصحف بذلك العضو بعد غسله قبل تمام الطهارة لأنه لا يسمى متطهرا، وقد قال تعالى * (لا يمسه إلا المطهرون) * وهي: (الصلاة والطواف ومس المصحف وحمله) على الحكم المتقدم بيانه في كل من هذه الثلاثة في الكلام على ما يحرم بالحيض.
تنبيه: قد علم من كلام المصنف تقسيم الحدث إلى أكبر ومتوسط وأصغر، وبه صرح كل من ابن عبد السلام والزركشي في قواعده.
خاتمة: فيها مسائل منثورة مهمة: يحرم على المحدث ولو أصغر مس خريطة وصندوق فيهما مصحف، والخريطة وعاء كالكيس من أدم أو غيره، ولا بد أن يكونا معدين للمصحف كما قاله ابن المقري لأنهما لما كانا معدين له كانا كالجلد، وإن لم يدخلا في بيعه، والعلاقة كالخريطة. أما إذا لم يكن المصحف فيهما أو هو فيهما ولم يعدا له لم يحرم مسهما، ويحرم مس ما كتب لدرس قرآن ولو بعض آية كلوح، لأن القرآن قد أثبت فيه للدراسة فأشبه المصحف، أما ما كتب لغير الدراسة كالتميمة وهي ورقة يكتب فيها شئ من القرآن وتعلق على الرأس مثلا للتبرك والثياب التي يكتب عليها والدراهم فلا يحرم مسها ولا حملها، لأنه (ص) كتب كتابا إلى هرقل وفيه: * (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) * الآية ولم يأمر حاملها بالمحافظة على الطهارة ويكره كتابة الحروز وتعليقها إلا إذا جعل عليها شمعا أو نحوه. ويندب التطهر لحمل كتب الحديث ومسها، ويحل للمحدث قلب ورق المصحف بعود ونحوه. قال في الروضة: لأنه ليس بحامل ولا ماس، ويكره كتب القرآن على حائط ولو لمسجد وثياب وطعام ونحو ذلك، ويجوز هدم الحائط ولبس الثوب وأكل الطعام، ولا تضر ملاقاته ما في المعدة بخلاف ابتلاع قرطاس عليه اسم الله تعالى، فإنه يحرم عليه ولا يكره كتب شئ من القرآن في إناء ليسقى ماؤه للشفاء، خلافا لما وقع لا ابن عبد السلام في فتاويه من التحريم وأكل الطعام كشرب الماء لا كراهة فيه، ويكره إحراق خشب نقش بالقرآن إلا إن قصد به صيانته فلا يكره، كما يؤخذ من كلام ابن عبد السلام، وعليه يحمل تحريق عثمان رضي الله تعالى عنه المصاحف، ويحرم كتب القرآن أو شئ من أسمائه تعالى بنجس أو على نجس ومسه به إذا كان غير معفو عنه كما في المجموع لا بطاهر من متنجس، ويحرم المشي على فراش أو خشب نقش بشئ من القرآن ولو خيف على مصحف تنجس أو كافر، أو تلف بنحو غرق أو ضياع، ولم يتمكن من تطهره جاز له حمله مع الحدث في الأخيرة ووجب في غيرها صيانة له كما مرت الإشارة إليه، ويحرم السفر به إلى أرض الكفار إن خيف وقوعه في أيديهم وتوسده، وإن خاف سرقته وتوسده كتب علم إلا لخوف من نحو سرقة، نعم إن خاف على المصحف من تلف بنحو غرق أو تنجس أو كافر جاز له أن يتوسده،