الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٧٨
لأنها إنما وضعت للشرب نظرا للغالب ولم يقض صلاته كما لو تيمم بحضرة ماء يحتاج إليه لعطش وصلى به، ولو نسي الماء في رحله أو أضله فيه فلم يجده بعد إمعان الطلب وتيمم في الحالين وصلى، ثم تذكره في النسيان ووجده في الاضلال قضى لأنه في الحالة الأولى واجد للماء، لكنه قصر في الوقوف عليه فيقضي كما لو نسي ساتر العورة. وفي الثانية عذر نادر لا يدوم، ولو أضل رحله في رحال بسبب ظلمة أو غيرها فتيمم وصلى ثم وجده وفيه الماء، فإن لم يمعن في الطلب قضى لتقصيره، وإن أمعن فيه فلا قضاء، إذ لا ماء معه حال التيمم وفارق إضلاله في رحله بأن مخيم الرفقة أوسع غالبا من مخيمه فلا يعد مقصرا، ولو أدرج الماء في رحله ولم يشعر به أو لم يعلم ببئر خفية هناك، فلا إعادة. ولو تيمم لاضلاله عن القافلة أو عن الماء أو لغصب مائه فلا إعادة بلا خلاف ذكره في المجموع.
فروع: لو أتلف الماء في الوقت لغرض كتبرد وتنظف وتحير مجتهدا لم يعص للعذر أو أتلفه عبثا في الوقت أو بعده عصى لتفريطه بإتلافه ماء تعين للطهارة، ولا إعادة عليه إذا تيمم في الحالين، لأنه تيمم وهو فاقد للماء، أما إذا أتلفه قبل الوقت فلا يعصي من حيث إتلاف ماء الطهارة، وإن كان يعصي من حيث إنه إضاعة مال، ولا إعادة أيضا لما مر. ولو باعه أو وهبه في الوقت بلا حاجة له ولا للمشتري أو المتهب لعطش لم يصح بيعه ولا هبته لأنه عاجز عن تسليمه شرعا لتعينه للطهر، وبهذا فارق صحة هبة من لزمته كفارة أو ديون فوهب ما يملكه وعليه أن يسترده، فلا يصح تيممه ما قدر عليه لبقائه على ملكه، فإن عجز عن استرداده تيمم وصلى وقضى تلك الصلاة التي فوت الماء في وقتها لتقصيره دون ما سواها لأنه فوت الماء قبل دخول وقتها. ولا يقضي تلك الصلاة بتيمم في الوقت بل يؤخر القضاء إلى وجود الماء أو حالة يسقط الفرض فيها بالتيمم ولو أتلف الماء في يد المتهب أو المشتري ثم تيمم وصلى فلا إعادة عليه لما سلف ويضمن الماء المشتري دون المتهب لأن فاسد كل عقد كصحيحه في الضمان وعدمه. ولو مر بماء في الوقت وبعد عنه بحيث لا يلزمه طلبه ثم تيمم وصلى أجزأه ولا إعادة عليه لما مر، ولو عطشوا ولميت ماء شربوه ويمموه وضمنوه للوارث بقيمته، لا بمثله ولو كان مثليا إذا كانوا ببرية للماء فيها قيمة، ثم رجعوا إلى وطنهم ولا قيمة له فيه، وأراد الوارث تغريمهم، إذ لو ردوا الماء لكان إسقاطا للضمان، فإن فرض الغرم بمكان الشرب أو بمكان آخر للماء فيه قيمة، ولو دون قيمته بمكان الشرب وزمانه غرم مثله كسائر المثليات، ولو أوصى بصرف ماء لاولي الناس وجب تقديم العطشان المحترم حفظا لمهجته ثم الميت لأن ذلك خاتمة أمره، فإن مات اثنان ووجد الماء قبل موتهما قدم الأول لسبقه فإن ماتا معا أو جهل السابق أو وجد الماء بعدهما قدم الأفضل لأفضليته بغلبة الظن لكونه أقرب إلى الرحمة لا بالحرية والنسب ونحو ذلك، فإن استويا أقرع بينهما. ولا يشترط قبول الوارث له كالكفن المتطوع به ثم المتنجس لأن طهره لا بدل له ثم الحائض أو النفساء لعدم خلوهما عن النجس غالبا ولغلظ حدثهما، فإن اجتمعا قدم أفضلهما، فإن استويا أقرع بينهما ثم الجنب لأن حدثه أغلظ من حدث المحدث حدثا أصغر، نعم إن كفى المحدث دونه أولى فالمحدث به لأنه يرتفع به حدثه بكماله دون الجنب. لا يجمع فرضين بتيمم واحد (ويتيمم) المعذور وجوبا (لكل فريضة) فلا يصلي بتيمم غير فرض، لأن الوضوء كان لكل فرض لقوله تعالى * (إذا قمتم إلى الصلاة) *
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب بيان أحكام الطهارة 15
3 فصل في بيان ما يطهر بالدباغ وما يستعمل من الآنية وما يمتنع 25
4 فصل في السواك 30
5 فصل في الوضوء 32
6 فصل في الاستنجاء 48
7 فصل في بيان ما ينتهى به الوضوء 54
8 فصل في موجب الغسل 58
9 فصل في أحكام الغسل 62
10 فصل في الإغتسالات المسنونة 64
11 فصل في المسح على الخفين 66
12 فصل في التيمم 70
13 فصل في إزالة النجاسة 80
14 فصل في الحيض والنفاس والاستحاضة 87
15 كتاب الصلاة 96
16 فصل فيمن تجب عليه الصلاة وفي بيان النوافل 103
17 فصل في شروط الصلاة وأركانها وسننها 110
18 فصل في أركان الصلاة 118
19 فصل فيما يختلف فيه حكم الذكر والأنثى في الصلاة 134
20 فصل فيما يبطل الصلاة 135
21 فصل فيما تشتمل عليه الصلاة وما يجب عند العجز عن القيام 141
22 فصل في سجود السهو في الصلاة 143
23 فصل في بيان الأوقات التي تكره فيها الصلاة بلا سبب 148
24 فصل في صلاة الجماعة 149
25 فصل في صلاة المسافر 157
26 فصل في صلاة الجمعة 162
27 فصل في صلاة العيدين 172
28 فصل في صلاة الكسوف للشمس والخسوف للقمر 174
29 فصل في صلاة الاستسقاء 176
30 فصل في كيفية صلاة الخوف 180
31 فصل فيما يجوز لبسه من الحرير للمحارب وغيره وما لا يجوز 183
32 فصل في الجنازة 184
33 كتاب الزكاة 195
34 فصل في بيان نصاب الإبل وما يجب إخراجه 199
35 فصل في بيان نصاب البقر وما يجب إخراجه 200
36 فصل في بيان نصاب الغنم وما يجب إخراجه 201
37 فصل في زكاة خلطة الأوصاف 202
38 فصل في بيان نصاب الذهب والفضة وما يجب إخراجه 203
39 فصل في بيان نصاب الزروع والثمار وما يجب إخراجه 205
40 فصل في زكاة العروض والمعدن والركاز وما يجب إخراجه 208
41 فصل في زكاة الفطر 209
42 فصل في قسم الصدقات 212
43 كتاب الصيام 215
44 فصل في الاعتكاف 226
45 كتاب الحج 230
46 فصل في محرمات الاحرام وحكم الفوات 237
47 فصل في الدماء الواجبة وما يقوم مقامها 241
48 كتاب البيوع وغيرها من أنواع المعاملات 250
49 فصل في الربا 254
50 فصل في السلم 267
51 فصل في الرهن 272
52 فصل في الحجر 276
53 فصل في الصلح 279
54 فصل في الحوالة 285
55 فصل في الضمان 288
56 فصل في كفالة البدن 290
57 فصل في الشركة 291
58 فصل في الوكالة 294
59 فصل في الاقرار 299
60 فصل في العارية 303
61 فصل في الغصب 306