ويصح بيع صبرة وإن جهلت صيعانها كل صاع بدرهم. ولا يضر في مجهولة الصيعان الجهل بجملة الثمن لأنه معلوم بالتفصيل، وبيع صبرة مجهولة الصيعان بمائة درهم كل صاع بدرهم إن خرجت مائة وإلا فلا يصح لتعذر الجمع بين جملة الثمن وتفصيله، لا بيع أحد ثوبين مثلا مبهما. ولا بيع بأحدهما وإن تساوت قيمتهما، أو بملء ذا البيت برا أو بزنة ذي الحصاة ذهبا وملء البيت وزنة الحصاة مجهولان، أو بألف دراهم ودنانير للجهل بعين المبيع في الأولى وبعين الثمن في الثانية وبقدره في الباقي. فإن عين البر كأن قال: بعتك ملء ذا البيت من ذا البر صح لامكان أخذه قبل تلفه فلا غرر. وقد بسطت الكلام عليه في غير هذا الكتاب. ثم أخذ المصنف في محترز قوله طاهر بقوله: (ولا يصح بيع عين نجسة) سواء أمكن تطهيرها بالاستحالة كجلد الميتة أم لا، كالسرجين والكلب ولو معلما والخمر ولو محترمة لخبر الصحيحين: أنه (ص) نهى عن ثمن الكلب وقال: إن الله تعالى حرم بيع الخمر والميتة والخنزير وقيس بها ما في معناها. ثم أخذ في محترز قوله منتفع به بقوله: (ولا) يصح (بيع ما لا منفعة فيه) لأنه لا يعد مالا، فأخذ المال في مقابلته ممتنع للنهي عن إضاعة المال وعدم منفعته إما لخسته كالحشرات التي لا نفع فيها كالخنفساء والحية والعقرب، ولا عبرة بما يذكر من منافعها في الخواص، ولا بيع كل سبع أو طير لا ينفع كالأسد والذئب والحدأة والغراب غير المأكول، ولا نظر لمنفعة الجلد بعد الموت، ولا لمنفعة الريش في النبل، ولا لاقتناء الملوك لبعضها للهيبة والسياسة. أما ما ينفع من ذلك كالفهد للصيد والفيل للقتال والنحل للعسل والطاووس للانس بلونه فيصح، وإما لقلته كحبتي الحنطة والشعير ولا أثر لضم ذلك إلى أمثاله أو وضعه في فخ ومع هذا يحرم غصبه ويجب رده، ولا ضمان فيه إن تلف إذ لا مالية. ولا يصح بيع آلة اللهو المحرمة كالطنبور والمزمار والرباب وإن اتخذ المذكورات من نقد إذ لا نفع بها شرعا. ويصح بيع آنية الذهب والفضة لأنهما المقصودان.
ولا يشكل بما مر من منع بيع آلات الملاهي المتخذة منهما لأن آنيتهما يباح استعمالها للحاجة بخلاف تلك. ولا يصح بيع كتب الكفر والتنجيم والشعوذة والفلسفة كما جزم به في المجموع ولا بيع السمك في الماء إلا إذا كان في بركة صغيرة لا يمنع الماء رؤيته وسهل أخذه فيصح في الأصح، فإن كانت البركة كبيرة لا يمكن أخذه إلا بمشقة شديدة لم يصح على الأصح. وبيع الحمام في البرج على هذا التفصيل.
ولا يصح بيع الطير في الهواء ولو حماما اعتمادا على عادة عودها على الأصح لعدم الوثوق بعودها إلا النحل فيصح بيعه طائرا على الأصح في الزوائد، وقيده في المهمات. تبعا لابن الرفعة بأن يكون اليعسوب في الكوارة فارقا بينه وبين الحمام بأن النحل لا يقصد بالجوارح بخلاف غيرها من الطيور فإنها تقصد بها. ويصح بيعه في الكوارة إن شاهد جميعه وإلا فهو من بيع الغائب فلا يصح.
تنبيه: سكت المصنف عن أركان البيع وهي ثلاثة كما في المجموع. وهي في الحقيقة ستة: عاقد بائع ومشتر ومعقود عليه ثمن ومثمن وصيغة ولو كناية، وهي إيجاب كبعتك وملكتك، واشتر مني وكجعلته لك بكذا ناويا البيع، وقبول كاشتريت وتملكت وقبلت، وإن تقدم على الايجاب كبعني بكذا لأن البيع منوط بالرضا لخبر: إنما البيع عن تراض والرضا خفي فاعتبر ما يدل عليه من اللفظ، فلا بيع بمعاطاة