لا يسقط الكفارة لأن السفر المنشأ في أثناء النهار لا يبيح الفطر فلا يؤثر فيما وجب من الكفارة، وكذا حدوث المرض لا يسقطها لأن المرض لا ينافي الصوم فيتحقق هتك حرمته. (وهي) أي الكفارة المذكورة مرتبة فيجب أولا (عتق رقبة مؤمنة) سليمة من العيوب المضرة بالعمل والكسب كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الظهار (فإن لم يجدها فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع) صومهما (فإطعام ستين مسكينا) أو فقير لخبر الصحيحين عن أبي هريرة: جاء رجل إلى النبي (ص) فقال هلكت قال: وما أهلكك؟ قال: واقعت امرأتي في رمضان. قال: هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا. قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا؟ قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟ قال لا. ثم جلس فأتي النبي (ص) بعرق فيه تمر فقال: تصدق بهذا فقال: على أفقر منا يا رسول الله فوالله ما بين لابتيها أي جبليها أهل بيت أحوج إليه منا. فضحك رسول الله (ص) حتى بدت أنيابه ثم قال: اذهب فأطعمه أهلك والعرق بفتح العين والراء مكتل ينسج من خوص النخل، وكان فيه قدر خمسة عشر صاعا وقيل عشرون. ولو شرع في الصوم ثم وجد الرقبة ندب عتقها، ولو شرع في الاطعام ثم قدر على الصوم ندب له، فلو عجز عن جميع الخصال المذكورة استقرت الكفارة في ذمته لأنه (ص) أمر الاعرابي بأن يكفر بما دفعه إليه مع إخباره بعجزه، فدل على أنها ثابتة في الذمة لأن حقوق الله تعالى المالية إذا عجز عنها العبد وقت وجوبها فإن كانت لا بسبب منه كزكاة الفطر لم تستقر، وإن كانت بسبب منه استقرت في ذمته سواء أكانت على وجه البدل كجزاء الصيد وفدية الحلق أو لا، ككفارة القتل والظهار واليمين والجماع ودم التمتع والقران. فإن قيل: لو استقرت لأمر رسول الله (ص) المواقع بإخراجها بعد.
أجيب بأن تأخير البيان لوقت الحاجة جائز وهو وقت القدرة، فإذا قدر على خصلة منها فعلها كما لو كان قادرا عليها وقت الوجوب، فإن قدر على أكثر رتب وله العدول عن الصوم إلى الاطعام لشدة الغلمة وهي بغين معجمة ولام ساكنة: شدة الحاجة للنكاح، ولا يجوز للفقير صرف كفارته إلى عياله كالزكوات وسائر الكفارات. وأما قوله (ص) في الخبر: أطعمه أهلك ففي الام كما قال الرافعي: يحتمل أنه لما أخبره بفقره صرفه له صدقة وفي ذلك أجوبة أخر ذكرتها في شرح المنهاج وغيره (ومن مات) مسلما كما قيد به في القوت (وعليه صيام) من رمضان أو نذر أو كفارة قبل إمكان القضاء بأن استمر مرضه أو سفره المباح إلى موته فلا تدارك للفائت بالفدية ولا بالقضاء لعدم تقصيره، ولا إثم به لأنه فرض لم يتمكن منه إلى الموت فسقط حكمه كالحج هذا إذا كان الفوات بعذر كمرض، وسواء استمر إلى الموت أم حصل الموت في رمضان ولو بعد زوال العذر، أما غير المعذور وهو المتعدي بالفطر فإنه يأثم ويتدارك عنه بالفدية كما صرح به الرافعي في باب النذر، وإن مات بعد التمكن من القضاء ولم يقض (أطعم عنه وليه) من تركته (لكل يوم) فاته صومه (مد طعام) وهو رطل وثلث بالرطل البغدادي كما مر وبالكيل المصري نصف قدح من غالب قوت بلده لخبر: من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه وليه مكان كل يوم مسكينا ولا يجوز أن يصوم عنه وليه وفي الجديد لأن الصوم عبادة بدنية لا تدخلها النيابة في الحياة فكذلك بعد الموت كالصلاة. وفي القديم