وإنما لم يصح صومه عن رمضان لأنه لم يثبت كونه منه. نعم من اعتقد صدق من قال إنه رآه ممن ذكر يجب عليه الصوم كما تقدم عن البغوي في طائفة أول الباب، وتقدم في أثنائه صحة نية المعتقد لذلك ووقوع الصوم عن رمضان إذا تبين كونه منه فلا تنافي بين ما ذكر في المواضع الثلاثة لأن يوم الشك الذي يحرم صومه هو على من لم يظن الصدق هذا موضع، وأما من ظنه أو اعتقده صحت النية منه ووجب عليه الصوم وهذان موضعان، فقول الأسنوي إن كلام الشيخين في الروضة وشرح المهذب متناقض من ثلاثة أوجه في موضع يجب، وفي موضع يجوز، وفي موضع يمتنع ممنوع. أما إذا لم يتحدث أحد بالرؤية فليس اليوم يوم شك بل هو من شعبان، وإن أطبق الغيم لخبر فإن غم عليكم.
فرع: الفطر بين الصومين واجب إذ الوصال في الصوم فرضا كان أو نفلا حرام للنهي عنه في الصحيحين، وهو أن يصوم يومين فأكثر، ولا يتناول بالليل مطعوما عمدا بلا عذر ذكره في المجموع، وقضيته أن الجماع ونحوه لا يمنع الوصال لكن في البحر هو أن يستديم جميع أوصاف الصائمين.
وذكر الجرجاني وابن الصلاح نحوه وهذا هو الظاهر. ثم شرع فيما تجب به الكفارة فقال: (ومن وطئ) بتغييب جميع الحشفة أو قدرها من مقطوعها (عامدا) مختارا عالما بالتحريم (في الفرج) ولو دبرا من آدمي أو غيره (في نهار رمضان) ولو قبل تمام الغروب وهو مكلف صائم آثم بالوطئ بسبب الصوم (فعليه) وعلى الموطوءة المكلفة (القضاء) لافساد صومهما بالجماع (و) عليه وحده (الكفارة) دونها لنقصان صومها بتعرضه للبطلان بعروض الحيض أو نحوه فلم تكمل حرمته حتى تتعلق بها الكفارة فتختص بالرجل الواطئ، ولأنها غرم ما لي يتعلق بالجماع كالمهر فلا يجب على الموطوءة ولا على الرجل الموطوء كما نقله ابن الرفعة، واللواط وإتيان البهيمة حكم الجماع فيما ذكر كما شمله ما ذكر في الحد. فخرج بقيد الوطئ الفطر بغيره كالأكل والشرب والاستمناء والمباشرة فيما دون الفرج المفضية إلى الانزال فلا كفارة به، وبقيد جميع الحشفة أو قدرها من مقطوعها إدخال بعضها فلا كفارة به لعدم فطره به، وبقيد العمد النسيان لأن صومه لم يفسد بذلك، وبالاختيار الاكراه لما ذكر، وبعلم التحريم جهله لقرب عهده بالاسلام أو نشئة بمكان بعيد عن العلماء فلا كفارة عليه لعدم فطره به. نعم لو علم التحريم وجهل وجوب الكفارة وجبت عليه إذ كان من حقه أن يمتنع، وبالفرج الوطئ فيما دونه فلا كفارة فيه إذا أنزل، وبنهار رمضان غيره كصوم نذر أو كفارة فلا كفارة فيه لأن ذلك من خصوص رمضان، وبالمكلف الصبي فلا قضاء عليه ولا كفارة لعدم وجوب الصوم عليه، وبالصائم ما لو أفطر بغير وطئ ثم وطئ أو نسي النية وأصبح ممسكا ووطئ فلا كفارة حينئذ، وبالإثم ما لو وطئ المريض أو المسافر ولو بغير نية الترخيص، وما لو ظن وقت الجماع بقاء الليل أو شك فيه، أو ظن باجتهاد دخوله فبان جماعه نهارا لم تلزمه كفارة لانتفاء الاثم، ولا كفارة على من جامع عامدا بعد الاكل ناسيا وظن أنه أفطر بالاكل لأنه يعتقد أنه غير صائم وإن كان الأصح بطلان صومه بهذا الجماع كما لو جامع على ظن بقاء الليل فبان خلافه، ولا على مسافر أفطر بالزنا مترخصا لأن الفطر جائز له وإثمه بسبب الزنا لا بالصوم.
تنبيه: قيد في الروضة الجماع بالتام تبعا للغزالي احترازا من المرأة فإنها تفطر بدخول شئ من الذكر في فرجها ولو دون الحشفة، وزيفوه بخروج ذاك بالجماع إذ الفساد فيه بغيره. ومن جامع في يومين لزمه كفارتان لأن كل يوم عبادة مستقلة فلا تتداخل كفارتان لأن كل يوم عبادة مستقلة. فلا تتداخل كفارتاهما سواء أكفر عن الجماع الأول قبل الثاني أم لا: كحجتين جامع فيهما، فلو جامع في جميع أيام رمضان لزمه كفارات بعددها، فإن تكرر الجماع في يوم واحد فلا تعدد وإن كان بأربع زوجات وحدوث السفر ولو طويلا بعد الجماع