(والمرضع) ولو مستأجرة أو متبرعة (إذا خافتا) من حصول ضرر بالصوم كالضرر الحاصل للمريض (على أنفسهما) ولو مع الولد (أفطرتا) أي وجب عليهما الافطار (و) وجب (عليهما القضاء) بلا فدية كالمريض. فإن قيل إذا خافتا على أنفسهما مع ولديهما فهو فطر ارتفق به شخصان فكان ينبغي الفدية قياسا على ما سيأتي. أجيب بأن الآية وهي قوله تعالى * (ومن كان مريضا) * إلى آخرها وردت في عدم الفدية فيما إذا أفطرتا خوفا على أنفسهما فلا فرق بين أن يكون الخوف مع غيرهما أم لا (وإن خافتا) منه (على أولادهما) فقط بأن تخاف الحامل من إسقاطه أو المرضع بأن يقل اللبن فيهلك الولد (أفطرتا) أيضا (و) وجب (عليهما القضاء) للافطار (والكفارة) وإن كانتا مسافرتين أو مريضتين لما روى أبو داود والبيهقي بإسناد حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى * ( وعلى الذين يطيقونه فدية) * أنه نسخ حكمه إلا في حقهما حينئذ والقول بنسخه قول أكثر العلماء.
وقال بعضهم: إنه محكم غير منسوخ بتأويله بما مر في الاحتجاج به.
تنبيه: يلحق بالمرضع في إيجاب الفدية مع القضاء من أفطر لانقاذ آدمي معصوم أو حيوان محترم مشرف على الهلاك بغرق أو غيره فيجب عليه الفطر إذا لم يمكنه تخليصه إلا بفطره فهو فطر ارتفق به شخصان، وهو حصول الفطر للمضطر والخلاص لغيره، فلو أفطر لتخليص مال فلا فدية لأنه لم يرتفق به إلا شخص واحد ولا يجب الفطر لأجله بل هو جائز بخلاف الحيوان المحترم فإنه يرتفق بالفطر شخصان، وإن نظر بعضهم في البهيمة لأنهم نزلوا الحيوان المحترم في وجوب الدفع عنه منزلة الآدمي المعصوم، ولا يلحق بالحامل والمرضع في لزوم الفدية مع القضاء المتعدي بفطر رمضان بغير جماع بل يلزمه القضاء فقط، ومن أخر قضاء رمضان مع إمكانه حتى دخل رمضان آخر لزمه مع القضاء لكل يوم مد لأن ستة من الصحابة رضي الله عنهم قالوا بذلك ولا مخالف لهم ويأثم بهذا التأخير. قال في المجموع: ويلزمه المد بدخول رمضان، أما من لم يمكنه القضاء لاستمرار عذره حتى دخل رمضان فلا فدية عليه بهذا التأخير.
فائدة: وجوب الفدية هنا للتأخير وفدية الشيخ الهرم ونحوه لأصل الصوم، وفدية المرضع والحامل لتفويت فضيلة الوقت، وبتكرير المد إذا لم يخرجه بتكرر السنين لأن الحقوق المالية