فرضا ولا نفلا، ولو نوى ليلة الثلاثين من رمضان صوم غد إن كان من رمضان أجزأه إن كان منه لأن الأصل بقاؤه. (و) الثالث (الامساك عن) كل مفطر من (الأكل والشرب والجماع) ولو بغير إنزال لقوله تعالى * (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) * والرفث الجماع (و) عن (تعمد القئ) وإن تيقن أنه لم يرجع شئ إلى جوفه لما سيأتي (و) الرابع من الشروط معرفة طرفي النهار يقينا أو ظنا لتحقيق إمساك جميع النهار.
تنبيه: انفرد المصنف بهذا الرابع وكأنه أخذه من قولهم: لو نوى بعد الفجر لم يصح صومه، أو أكل معتقدا أنه ليل وكان قد طلع الفجر لم يصح أيضا، وكذا لو أكل معتقدا أن الليل دخل فبان خلافه لزمه القضاء. وحاصل ذلك أنه إذا أفطر أو تسحر بلا تحر ولم يتبين الحال صح في تسحره لا في إفطاره لأن الأصل بقاء الليل في الأولى والنهار في الثانية، فإن بان الصواب فيهما صح صومهما أو الغلط فيهما لم يصح، ولو طلع الفجر وفي فمه طعام فلم يبلع شيئا منه بأن طرحه أو أمسكه بفيه صح صومه، أو كان الفجر مجامعا فنزع حالا صح صومه وإن أنزل لتولده من مباشرة مباحة. ما يفطر به الصائم (والذي يفطر به الصائم عشرة أشياء):
الأول (ما وصل) من عين وإن قلت كسمسمة (عمدا) مختارا عالما بالتحريم (إلى) مطلق (الجوف) من منفذ مفتوح سواء أكان يحيل الغذاء أو الدواء أم لا كباطن الحلق والبطن والأمعاء. (و) باطن (الرأس) لأن الصوم هو الامساك عن كل ما يصل إلى الجوف فلا يضر وصول دهن أو كحل بتشرب مسام جوفه، كما لا يضر اغتساله بالماء وإن وجد أثرا بباطنه، ولا يضر وصول ريقه من معدنه جوفه أو وصول ذباب أو بعوض أو غبار طريق أو غربلة دقيق جوفه لعسر التحرز عنه، والتقطير في باطن الاذن مفطر. ولو سبق ماء المضمضة أو الاستنشاق إلى جوفه نظر إن بالغ أفطر وإلا فلا، ولو بقي طعام بين أسنانه فجرى به ريقه من غير قصد لم يفطر إن عجز عن تمييزه ومجه لأنه معذور فيه غير مفرط، ولو أوجر كأن صب ماء في حلقه مكرها لم يفطر، وكذا إن أكره حتى أكل أو شرب لأن حكم اختياره ساقط، وإن أكل ناسيا لم يفطر وإن كثر لخبر الصحيحين من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه. (و) الثاني - (الحقنة) وهي بضم المهملة إدخال دواء أو نحوه في الدبر فتعبيره بأنها (من أحد السبيلين) فيه تجوز، فالتقطير في باطن الإحليل وإدخال عود أو نحوه فيه مفطر، وكالحقنة دخول طرف أصبع في الدبر حالة الاستنجاء فيفطر به إلا إن أدخل المبسور مقعدته بأصبعه فلا يفطر به كما صححه البغوي لاضطراره إليه. (و) الثالث - (القئ عمدا) وإن تيقن أنه لم يرجع منه شئ إلى الجوف كأن تقايأ منكسا لخبر ابن حبان وغيره من ذرعه القئ - أي غلبه - وهو صائم فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض وخرج بقوله عمدا ما لو كان ناسيا، ولا بد أن يكون عالما بالتحريم مختارا لذلك، فإن كان جاهلا لقرب عهده بالاسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء أو مكرها لم يفطر