لأنه ليس أهلا لفطرة نفسه فكيف يتحمل عن غيره؟ ومنها لا يلزم الابن فطرة زوجة أبيه ومستولدته وإن وجبت نفقتهما على الولد لأن النفقة لازمة للأب مع إعساره فيتحملها الولد بخلاف الفطرة، ومنها عبد بيت المال تجب نفقته دون فطرته، ومنها الفقير العاجز عن الكسب يلزم المسلمين نفقته دون فطرته، ومنها ما نص عليه في الام أنه لو آجر عبده وشرط نفقته على المستأجر فإن الفطرة على سيده، ومنها عبد المالك في المساقاة والقراض إذا شرط عمله مع العامل فنفقته عليه وفطرته على سيده، ومنها ما لو حج بالنفقة، ومنها عبد المسجد فلا تجب فطرتهما وإن وجبت نفقتهما سواء أكان عبد المسجد ملكا له أو موقوفا عليه، ومنها الموقوف على جهة أو معين كرجل ومدرسة ورباط، ولو أعسر الزوج وقت الوجوب أو كان عبدا لزم سيد الزوجة الأمة فطرتها لا الحرة فلا تلزمها ولا زوجها لانتفاء يساره، والفرق كمال تسليم الحرة نفسها بخلاف الأمة لاستخدام السيد لها. ويزكي عن نفسه وجوبا (صاعا من) غالب (قوت بلده) إن كان بلديا، وفي غيره من غالب قوت محله لأن ذلك يختلف باختلاف النواحي، والمعتبر في غالب القوت غالب قوت السنة كما في المجموع لا غالب قوت وقت الوجوب خلافا للغزالي في وسيطه. ويجزئ القوت الاعلى عن القوت الأدنى لأنه زاد خيرا ولا عكس لنقصه عن الحق، والاعتبار في الأعلى والأدنى بزيادة الاقتيات لأنه المقصود فالبر خير من التمر والأرز ومن الزبيب والشعير، من الزبيب فالشعير خير من التمر لأنه أبلغ في الاقتيات والتمر خير منه بالأولى، وينبغي أن يكون الشعير خيرا من الأرز وأن الأرز خير من التمر. وله أن يخرج عن نفسه من قوت واجب وعمن تلزمه فطرته كزوجته وعبده وقريبه أو عمن تبرع عنه بإذنه أعلى منه لأنه زاد خيرا، ولا يبعض الصاع المخرج عن الشخص الواحد من جنسين وإن كان أحد الجنسين أعلى من الواجب، كما لا يجزئ في كفارة اليمين أن يكسو خمسة ويطعم خمسة، أما لو أخرج الصاع عن اثنين كأن ملك واحد نصفي عبدين أو مبعضين ببلدين مختلفي القوت فإنه يجوز تبعيض الصاع، أو إخراجه من نوعين فإنه جائز إذا كان من الغالب ولو كان في بلد أقوات لا غالب فيها تخير، والأفضل أعلاها في الاقتيات لقوله تعالى * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) *.
تنبيه: لو كانوا يقتاتون القمح المخلوط بالشعير تخير إن كان الخليطان على حد سواء، فإن كان أحدهما أكثر وجب منه، فإن لم يجد إلا نصفا من ذا ونصفا من ذا فوجهان أوجههما أنه يخرج النصف الواجب عليه ولا يجزئ الآخر لما مر أنه لا يجوز أن يبعض الصاع من جنسين، وأما من يزكي عن غيره فالعبرة بغالب قوت محل المؤدى عنه، فلو كان المؤدي بمحل آخر اعتبرت بقوت محل المؤدى عنه بناء على الأصح من أن الفطرة تجب أولا عليه ثم يتحملها عنه المؤدي، فإن لم يعرف محله كعبد آبق فيحتمل كما قال جماعة استثناء هذه أو يخرج فطرته من قوت آخر محل عهد وصوله إليه لأن الأصل أنه فيه، أو يخرج للحاكم لأن له نقل الزكاة، فإن لم يكن قوت المحل الذي يخرج منه مجزيا اعتبر أقرب المحال إليه، وإن كان بقربه محلان متساويان قربا تخير بينهما. (وقدره) أي الصاع بالوزن (خمسة أرطال وثلث) رطل (بالعراقي) أي بالبغدادي. وتقدم الكلام في بيان رطل بغداد في موضعه والأصل فيه الكيل، وإنما قدر بالوزن استظهارا والعبرة بالصاع النبوي إن وجد أو معياره، فإن فقد أخرج قدرا