ركع ركعتين قبل الكعبة أي وجهها. وقال هذه القبلة مع خبر: صلوا كما رأيتموني أصلي. فلا تصح الصلاة بدونه إجماعا والفرض في القبلة إصابة العين في القرب يقينا وفي البعد ظنا فلا تكفي إصابة الجهة لهذه الأدلة، فلو خرج عن محاذاة الكعبة ببعض بدنه بأن وقف بطرفها وخرج عنه ببعضه بطلت صلاته، ولو امتد صف طويل بقرب الكعبة وخرج بعضهم عن المحاذاة بطلت صلاته لأنه ليس مستقبلا لها، ولا شك أنهم إذا بعدوا عنها حاذوها وصحت صلاتهم، وإن طال الصف لأن صغير الحجم كلما زاد بعده زادت محاذاته كغرض الرماة، واستشكل بأن ذلك إنما يحصل مع الانحراف ولو استقبل الركن صح كما قاله الأذرعي لأنه مستقبل للبناء المجاور للركن، وإن كان بعض بدنه خارجا عن الركن من الجانبين بخلاف ما لو استقبل الحجر بكسر الحاء فقط، فإنه لا يكفي لأن كونه من البيت مظنون لا مقطوع به لأنه إنما تنبيه: أسقط المصنف شرطا سادسا وهو العلم بكيفية الصلاة بأن ثبت بالآحاد يعلم فرضيتها ويميز فرضها من سننها، نعم إن اعتقدها كلها فرضا أو بعضها ولم يميز وكان عاميا ولم يقصد فرضا بنفل صحت. القول في الصلاة التي يجوز ترك القبلة فيها (ويجوز) للمصلي (ترك) استقبال (القبلة في حالتين) الحالة الأولى (في) صلاة (شدة الخوف) فيما يباح من قتال أو غيره فرضا كانت أو نفلا، فليس التوجه بشرط فيها لقوله تعالى: * (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) *. قال ابن عمر: مستقبلي القبلة وغير مستقبليها رواه البخاري في التفسير. قال في الكفاية:
نعم إن قدر أن يصلي قائما إلى غير القبلة وراكبا إلى القبلة وجب الاستقبال راكبا لأنه آكد من القيام، لأن القيام يسقط في النافلة بغير عذر بخلاف الاستقبال. (و) الحالة الثانية في (النافلة في السفر) المباح لقاصد محل معين لأن النفل يتوسع فيه كجوازه قاعدا للقادر فللمسافر المذكور التنفل ماشيا، وكذا (على الراحلة) لحديث جابر: كان رسول الله (ص) يصلي على راحلته حيث توجهت به. أي: في جهة مقصده فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة رواه البخاري وجاز للماشي قياسا على الراكب بل أولى. والحكمة في التخفيف في ذلك على المسافر أن الناس محتاجون إلى الاسفار، فلو شرط فيها الاستقبال للنفل لأدى إلى ترك أورادهم أو مصالح معايشهم، فخرج بذلك النفل في الحضر فلا يجوز وإن احتيج للتردد كما في السفر لعدم وروده.
تنبيه: يشترط في حق المسافر تلك الأفعال الكثيرة من غير عذر كالركض والعدو، ولا يشترط طول سفره لعموم الحاجة قياسا على ترك الجمعة والسفر القصير قال القاضي والبغوي: مثل أن يخرج إلى مكان لا تلزمه فيه الجمعة لعدم سماع النداء. وقال الشيخ أبو حامد وغيره: مثل أن يخرج إلى ضيعة مسيرتها ميل أو نحوه وهما متقاربان، فإن سهل توجه راكب غير ملاح بمرقد كهودج وسفينة في جميع صلاته وإتمام الأركان كلها أو بعضها لزمه ذلك لتيسيره عليه، فإن لم يسهل ذلك لم يلزمه إلا توجه في تحرمه