كالأجسام، وإليه ميل الشيخ أبي محمد، وفي العقل أيضا تردد لبعده عن التناول بالسراية، قال: ولا يبعد إلحاق الكلام بالبصر، ورتبها فجعل البصر والسمع في درجة، ويليهما الكلام، ويليه البطش، ويليه العقل، وذكر صاحب المهذب أنه لو جنى على رأسه، فذهب عقله، أو على أنفه، فذهب شمه، أو على أذنه، فذهب سمعه، فلا قصاص في العقل والشم والسمع، والأقرب منع القصاص في العقل، ووجوبه في الشم والبطش والذوق، لأن لها محال مضبوطة، ولأهل الخبرة طرق في إبطالها، وإذا ذهب الضوء بالموضحة، واقتصصنا في الموضحة، فلم يذهب ضوء الجاني، أذهب بأخف ما يمكن، كتقريب حديدة محماة من عينيه، أو طرح كافور فيها ونحوهما، وإن ذهب ضوء الجاني، حصل القصاص، وفيه شئ يأتي إن شاء الله تعالى. ولو هشم رأسه، فذهب ضوؤه، عولج بما يزيل الضوء ولا يقابل الهشم بالهشم، ولو لطمه، فذهب ضوؤه واللطمة بحيث تذهب الضوء غالبا، فالمنقول عن نصه في الام أنه يلطم مثل لطمته، فإن ذهب الضوء فعلى ما ذكرنا في الموضحة، وإلا أزيل بالمعالجة، وإن ابيضت الحدقة، أو شخصت، فعل به ما يفضي إليه إن أمكن، ونسب صاحب المهذب هذا المنقول عن النص إلى بعض الأصحاب، ثم قال: ويحتمل أن لا يقتص في اللطمة كما لا يقتص بالهاشمة، لأنه لا قصاص في اللطمة لو انفردت، وهذا حسن، وجعله صاحب التهذيب وجها، وقال: هو الأصح.
فرع إذا قلنا: لا يجب القصاص في الأجسام بالسراية، فقطع أصبعه، فسرى القطع إلى الكف وسقطت، فلا يجب القصاص إلا في تلك الإصبع، وإذا اقتص في الإصبع، فسرى إلى الكف فالنص أن السراية لا تقع قصاصا، بل يجب على الجاني دية باقي اليد، ونص فيما إذا أوضحه فذهب ضوؤه وشعر رأسه، فاقتص في الموضحة، فذهب ضوء الجاني وشعر رأسه أيضا، أنه يكون مستوفيا حقه، ولو لم يذهب ضوء الجاني، ونبت شعره، فعليه دية البصر وحكومة الشعر. وفي هذا