فرع قطعه من الكوع، فأراد المجني عليه أن يلقط أصابعه، فليس له ذلك، فلو بادر وفعله، عزر، ولا غرم عليه، لأنه يستحق إتلاف الجملة، فلا يلزمه بإتلاف البعض غرم، كما أن مستحق قتل النفس لو قطع طرف الجاني، لا غرم عليه، قال البغوي: وهل له أن يعود ويقطع الكف؟ وجهان، أصحهما: نعم، كما أن مستحق النفس لو قطع يد الجاني له أن يعود ويحز رقبته، ولو طلب حكومة الكف تدخل في دية الأصابع وقد استوفى الأصابع المقابلة بالدية، ولو قطع يده من المرفق، فأراد أن يقطع من الكوع، أو يقطع أصبعا، ويرضى بها قصاصا ومالا، لم يكن له ذلك، لأنه عدول عن محل الجناية مع القدرة عليه، وقيل: إن رضي بذلك بلا مال، جاز، والصحيح الأول، فلو خالفنا فقطع من الكوع، عزر ولا غرم لما سبق، ولو أراد بعد ذلك أن يقطع من المرفق، قال الامام: لا يمكنه، وجعله البغوي على وجهين، ولو طلب حكومة الساعد لم نثبتها له، كذا نقله الامام عن الأصحاب، ونقله البغوي أيضا، ثم قال: وعندي أنها تثبت.
فرع لو كسر عظم العضد، وأبان اليد منه، فللمجني عليه أن يقطع من المرفق، ويأخذ الحكومة لما بقي، وإن عفا، فله دية الكف، وحكومة للساعد، وحكومة للمقطوع من العضد، فلو أراد أن يترك المرفق، ويقطع من الكوع، فهل له ذلك؟ وجهان، أرجحهما عند البغوي: يجوز، لعجزه عن محل الجناية، ومسامحته، وأرجحهما عند الروياني وغيره لا، لأنه عدول عما هو أقرب إلى محل الجناية ولو أراد التقاط الأصابع، لم يمكن قطعا، ولو أراد أخذ أصبع واحدة، فالقياس أنه على الوجهين في قطع الكوع، فإذا قلنا: ليس له القطع من الكوع، فقطع، ثم أراد القطع من المرفق، لم يكن وليس له حكومة الساعد، وإن قلنا: له القطع من الكوع، فقطع، فله حكومة الساعد على الأصح، وتجب له حكومة المقطوع من العضد، هكذا جزم به الأصحاب، وحكى الغزالي فيه وجهين، والصواب الأول، لأن استيفاء تلك البقية متعذر شرعا، ولم يوجد من المجني عليه فيها تقصير وعدول، ولم أجد هذين الوجهين لغير الغزالي.