كج: أنه لو نقض السوقة العهد ولم يعلم الرئيس والاشراف بذلك ففي انتفاض العهد في حق السوقة وجهان، وجه المنع: أنه لا اعتبار بعقدهم فكذا بنقضهم، وأنه لو نقض الرئيس وامتنع الاتباع وأنكروا، ففي الانتقاض في حقهم قولان، وجه النقض: أنه لم يبق العقد في حق المتبوع، فكذا التابع، والصحيح ما سبق، وإذا انتقض في حق بعضهم، فإن تميزوا، فذاك، وإلا فلا يبيتهم الامام، ولا يغر عليهم إلا بعد الانذار، ويبعث إلى الذين لم ينقضوا ليتميزوا أو يسلموهم، فإن لم يفعلوا مع القدرة صاروا ناقضين أيضا، ومن أخذ منهم واعترف بأنه من الناقضين، أو قامت عليه بينة، لم يخف حكمه، وإلا فيصدق بيمينه أنه لم ينقض، وأما عقد الذمة فنقضه من البعض ليس نقضا من الباقين بحال.
فرع إذا استشعر الامام ممن هادنه خيانة وظهرت أمارة تدل على خيانتهم، فقال الشيخ أبو حامد: ينتقض عهدهم، والصحيح المنصوص: أنه لا ينتقض، بل للامام أن ينبذ إليهم عهدهم، وحكي قول أنه لا ينبذه كما لا ينبذ عقد الذمة بالتهمة، وحكي وجه في نبذ الذمة بالتهمة، والمذهب الفرق، وإذا نبذه فلا بد من إنذارهم وإبلاغهم المأمن، لكن من عليه حق آدمي من مال أو حد قذف أو قصاص، يستوفى منه أولا، والمعتبر في إبلاغ الكافر المأمن أن يمنعه من المسلمين ومن أهل عهدهم، ويلحقه بدار الحرب، واكتفى ابن كج بإلحاقه بأول بلاد الكفر وقال:
لا يلزم إلحاقه ببلده الذي يسكنه فوق ذلك إلا أن يكون بين أول بلاد الكفر وبلده الذي يسكنه بلد للمسلمين يحتاج إلى المرور عليه، وفي لبحر أنه لو كان له مأمنان، لزم الامام إلحاقه بمسكنه منهما، ولو كان يسكن بلدين، فالاختيار للامام، وفي هذا ما ينازع في الاكتفاء بأول بلاد الكفر، ولو لم تظهر أمارة يخاف بسببها منهم نبذ العهد، ولا اعتبار الوهم المحض، حكي ذلك عن نصه في الام.
فرع إذا هادن الامام مدة لضعف وخوف اقتضاها، ثم زال الخوف وقوي المسلمون، وجب الوفاء بما جرى.
فرع قال في الحاوي: يجب على الذين هادنهم الامام الكف عن قبيح القول والعمل في حق المسلمين، وبذل الجميل منهما، فلو كانوا يكرمون