بلغوا المأمن، وما خلفه عندنا من وديعة ودين من قرض أو غيره، فهو في أمان لا يتعرض له ما دام حيا، هذا هو الصحيح، وفيه وجه أنه ينتقض الأمان في ماله لانتقاضه في نفسه، لأنه يثبت في المال تبعا، ووجه ثالث: أنه إذا لم يتعرض للأمان في ماله، حصل الأمان فيه تبعا، فينتقض فيه تبعا، وإن ذكره في الأمان لم ينتقض، قال الامام: فإذا قلنا بالصحيح، فللكافر أن يدخل دار الاسلام من غير تجديد أمان لتحصيل ذلك المال، والدخول له يؤمنه، كالدخول لرسالة وسماع كلام الله تعالى، ولكن ينبغي أن يعجل في تحصيل غرضه، ولا يعرج على غيره، وكذا لا يكرر العود لاخذ قطعة من المال في كل مرة، فإن خالف، تعرض للقتل والأسر، وهذا الذي ذكره الامام محكي عن ابن الحداد، وقال غيره: ليس له الدخول، وثبوت الأمان في المال لا يوجب ثبوته في النفس، وإن قلنا: لا يبقى الأمان في ماله كان فيئا، قال الامام: والخلاف في ماله المخلف بعد التحاقه بدار الحرب فأما إذا فارق المال ولم يلتحق بعد بدار الحرب، فالوجه الجزم ببقاء الأمان، ويحتمل طرد الخلاف، وإذا نبذ المستأمن العهد، وجب تبليغه المأمن، ولا يتعرض لما معه بلا خلاف، هذا حكم ما تركه في حياته، فلو مات هناك أو قتل وقلنا بالصحيح، وهو بقاء الأمان فيه في حياته، فقولان، أحدهما: يكون فيئا، وأظهرهما: أنه لوارثه، فإن لم يكن وارث، فهو فئ قطعا، ولو مات عندنا، فقيل بطرد القولين، والمذهب: القطع برده إلى وارثه، لأنه مات والأمان باق في نفسه، فكذا في ماله، وهناك انتقض في نفسه، فكذا في ماله، فإن كان وارثه حربيا، فعلى الخلاف في أن الذمي والحربي هل يتوارثان؟ ولو خرج المستأمن إلى دار الحرب غير ناقض للعهد بل لرسالة أو تجارة ومات هناك، فهو كموته في دار الاسلام، ولو التحق بدار الحرب ناقضا للعهد، فسبي واسترق، بني على ما إذا مات، فإن قلنا: إذا مات يكون لوارثه، وقف، فإن عتق، فهو له، وإن مات رقيقا فقولان، أحدهما: يصرف إلى وارثه كما لو مات حرا، وأظهرهما: يكون فيئا، لأن الرقيق لا يورث، وإن قلنا: إذا مات يكون فيئا، فهنا قولان، أحدهما: هذا، والثاني وبه قطع ابن الصباغ: يوقف لاحتمال أن يعتق ويعود بخلاف الموت، فإن عتق، سلم إليه، وإلا فهو فئ على الأصح، وقيل: للسيد، قال الامام: وإذا صرفناه إلى الورثة، احتمل أن يصرف إليهم إرثا، ولا يلزم الكفار، تفضيل شرعنا في منع التوريث من رقيق، ويحتمل أن
(٤٨١)