الغانمين وإن لم يملكوا الغنيمة، فمن قال منهم: اخترت ملك نصيبي، ملكه، وقد ذكرنا هذا في كتاب الزكاة، فإذا الاعتبار باختيار التملك لا بالقسمة، وإنما تعتبر القسمة لتضمنها اختيار التملك.
فرع ذكروا هنا وفي كتاب الزكاة أن للامام أن يقسم الغنيمة قسمة تحكم، فيخص بعضهم ببعض الأنواع وببعض الأعيان، وحينئذ فقولنا: تملك بالقسمة، معناه في غالب الامر، وهو إذا رضي الغانم بالقسمة، أو قبل ما عينه له الامام، فأما إذا رد، فينبغي أن يصح رده، وذكر البغوي فيه خلافا، فقال: إذا أفرز الامام الخمس، وأفرز نصيب كل واحد منهم، أو أفرز لكل طائفة شيئا معلوما، فلا يملكونه قبل اختيار التملك على الأصح، حتى لو ترك بعضهم حقه، صرف إلى الباقين.
فرع لو سرق بعض الغانمين من الغنيمة قبل إفراز الخمس، لم يقطع، حرا كان أو عبدا، لأن له حقا في خمس الخمس وفي الأخماس الأربعة، وإن سرق بعد إفراز الخمس، نظر إن سرق منه، فلا قطع، وإن سرق من الأخماس قدر نصيبه أو أكثر ولم تبلغ الزيادة نصابا، فلا قطع، وكذا إن بلغته على الأصح، لأن حقه متعلق بجميع الغنيمة لجواز إعراض الباقين، فيكون الجميع له، وعلى كل حال يسترد المسروق، وإن تلف، فبدله، ويجعل في المغنم، ولو غل من الغنيمة بعض الغانمين، عزر، وإن سرق غير الغانمين، نظر إن كان له في الغانمين ولد أو والد أو عبد، فهو كسرقة الغانم، وإلا فإن سرق قبل إفراز الخمس، فهو كسرقته مال بيت المال، لأن فيه مالا لبيت المال، وإن سرق بعد إفراز الخمس، فإن سرق من الأخماس الأربعة، قطع، وإن سرق من الخمس قبل إخراج خمسه، أو سرق من خمس المصالح بعد إفرازه، فهو سرقة مال بيت المال، وإن سرق من أربعة أخماسه، لم يقطع إن كان من أهل استحقاقها، وإلا فيقطع على الأصح، ووجه المنع أنه يجوز أن يصير منهم.
فرع لو وطئ أحد الغانمين جارية من الغنيمة قبل القسمة، فلا حد عليه، وفي قول قديم، يحد، والمشهور الأول، لأن له شبهة، لكن يعزر إن كان عالما، وإن كان جاهلا لقرب عهده بالاسلام نهي عنه، ويعرف حكمه، وإذا لم يجب الحد، وجب المهر، ثم ينظر إن كان الغانمون محصورين يتيسر ضبطهم،