أن لا قديم إلا الله كان مؤمنا، وأن الوثني إذا قال: لا إله إلا الله، فإن كان يزعم أن الوثن شريك لله تعالى، صار مؤمنا، وإن كان يرى أن الله تعالى هو الخالق ويعظم الوثن لزعمه أنه يقربه إلى الله تعالى، لم يكن مؤمنا حتى يتبرأ من عبادة الوثن، وأنه لو قال البرهمي وهو الموحد الجاحد للرسل: محمد رسول الله، صار مؤمنا، ولو أقر برسالة نبي قبل محمد (ص)، لم يكن مؤمنا، ويجئ فيه القول الذي حكاه البغوي في يهودي أقر بنبوة عيسى (ص)، وأن المعطل إذا قال: محمد رسول الله، فقد قيل يكون مؤمنا لأنه أثبت المرسل وإن الكافر لو قال: لا إله إلا الذي آمن به المسلمون، صار مؤمنا. ولو قال: آمنت بالذي لا إله غيره، أو بمن لا إله غيره، لم يكن مؤمنا، لأنه قد يريد الوثن، وأنه لو قال: آمنت بالله وبمحمد، كان مؤمنا بالله لاثباته الاله، ولا يكون مؤمنا بنبوة محمد (ص) حتى يقول: بمحمد النبي، أو بمحمد رسول الله، وأن قوله: آمنت بمحمد النبي، إيمان برسول الله (ص)، وقوله:
آمنت بمحمد الرسول، ليس كذلك، لأن النبي لا يكون إلا لله تعالى، والرسول قد يكون لغيره، وان الفلسفي إذا قال: أشهد أن الباري سبحانه وتعالى علة الموجودات أو مبدؤها أو سببها، لم يكن ذلك إيمانا حتى يقر أنه مخترع لما سواه ومحدثه بعد أن لم يكن، وأن الكافر إذا قال: لا إله إلا المحيي المميت، فإن لم يك من الطبائعيين، كان مؤمنا، وإن كان منهم، فلا حتى يقول: إلا الله، أو إلا الباري، أو اسما آخر لا تأويل لهم فيه، وأن الكافر إذا قال: لا إله إلا المالك، أو الرازق، لم يكن مؤمنا، لأنه قد يريد السلطان الذي يملك أمر الجند ويرتب أرزاقهم، ولو قال: لا مالك إلا الله، أو لا رازق إلا الله، كان مؤمنا، وبمثله أجاب فيما لو قال:
لا إله إلا الله العزيز، أو العظيم، أو الحكيم، أو الكريم، وبالعكوس، وانه لو قال: لا إله إلا الله الملك الذي في السماء، أو إلا ملك السماء، كان مؤمنا، قال الله تعالى: * (أأمنتم من في السماء) *. ولو قال: لا إله إلا ساكن السماء، لم يكن مؤمنا، وكذا لو قال: لا إله إلا الله ساكن السماء، لأن السكون محال على الله تعالى، وأنه لو قال: آمنت بالله إن شاء، أو إن كان شاء بنا، لم يكن مؤمنا، وأنه لو قال اليهودي: أنا برئ من اليهودية، أو نصراني: أنا برئ من النصرانية، لم يكن مؤمنا، لأنه ضد اليهودية غير منحصر في الاسلام، وكذا لو قال: برئ من كل ملة