ولكن لم يقصدا الاصطدام، وإن قلنا بالأظهر: لم يجب ضمان الأحرار، ولا ضمان الودائع والأمانات فيهما ولا ضمان الأموال المحمولة بالأجرة إن كان مالكها أو عبده معها يحفظها، وإن استقل المجريان باليد، فعلى القولين في أن يد الأجير المشترك هل هي يد ضمان؟ وإن كان فيهما عبيد، فإن كانوا أعوانا أو حفاظا للمال لم يجب ضمانهم، وإلا فهم كسائر الأموال، وعلى هذا لو اختلف صاحب المال والملاحان، فقال صاحب المال: كان الاصطدام بفعلكما، وقالا: بل بغلبة الريح، صدقا بيمينهما، ومتى كان أحدهما مفرطا أو عامدا دون الآخر، خص كل واحد منهما بالحكم الذي يقتضيه حاله على ما ذكرنا، ولو صدمت سفينة السفينة المربوطة بالشط فكسرتها، فالضمان على مجري السفينة الصادمة.
فرع إذا خرق واحد سفينة، فغرق ما فيها من نفس ومال، وجب ضمانه، ثم إن تعمد الخرق بما يفضي إلى الهلاك غالبا كالخرق الواسع الذي لا مدفع، وجب القصاص والدية المغلظة في ماله، وإن تعمده بما لا يحصل به الهلاك غالبا، فهو شبه عمد، وكذا لو قصد إصلاح السفينة، فنفذت الآلة في موضع الاصلاح فغرقت به السفينة، وإن أصابت الآلة غير موضع الاصلاح، أو سقط من يده حجر، أو غيره، فخرقت السفينة، فهو خطأ محض.
فرع لو كانت السفينة مثقلة بتسعة أعدال، فوضع آخر فيها عدلا آخر عدوانا، فغرقت، فهل يغرم جميع الأعدال التسعة أم بعضها؟ وجهان، أحدهما:
جميعها، لأن الهلاك ترتب على فعله، وأصحهما: البعض، وفيه وجهان، أحدهما: النصف، والثاني: قسطه إذا وزع على جميع الأعدال، وهو كالخلاف في الجلاد إذا زاد على الحد المشروع، وله نظائر متقدمة.
فصل إذا أشرفت السفينة على الغرق، جاز إلقاء بعض أمتعتها في البحر، ويجب الالقاء رجاء نجاة الراكبين إذا خيف الهلاك، ويجب إلقاء ما لا روح فيه