بعتقها إن فارقتهم ثم أسلمت، لأنها إذا جاءت مراغمة لهم، ملكت نفسها بالقهر فتعتق، كعبد قهر سيده الحربي، فإنه يصير حرا، وهل يغرم لسيدها قيمتها من سهم المصالح إذا جاء يطلبها؟ فيه طريقان، المذهب: أنه على القولين، والثاني:
لا غرم قطعا، لأن الحيلولة حصلت بالعتق والقهر قبل الاسلام، ومن قال بالمذهب، قال: المانع هو الاسلام، فإنها لو كانت حرة كافرة لم يمنع زوجها، ولو أسلمت، ثم فارقتهم، وهاجرت مسلمة، فقال البغوي: لا تصير حرة، لأنهم في أماننا، وأموالهم محرمة علينا، فلا يزول الملك عنها بالهجرة بخلاف ما إذا هاجرت، ثم أسلمت، لأن الهدنة لا توجب أمان بعضهم من بعض، فملكت نفسها بالقهر، ولم يتعرض جماعة لهذا التفصيل، وأطلقوا الحكم بالعتق، ويجوز أن يؤخذ به، لان الهدنة جرت معنا لا معها، كما سنذكره إن شاء الله تعالى في الرجل إذا جاءنا مسلما ورددناه، أن له التعرض لهم، ثم قال الشيخ أبو إسحاق: لا ترد إلى سيدها لاسلامها وشركه، ولكن نغرم له قيمتها، كما لو غصب منهم مال وتلف، واعترض صاحب البيان وقال: الذي يقتضيه المذهب أنا لا نغرم القيمة ويأمره بإزالة الملك عنها، كأمة كافر أسلمت، ونعود إلى هذا الكلام والتفصيل إن شاء الله تعالى، وإذا كانت الأمة مزوجة، ففي غرم المهر القولان، فإن قلنا بغرامة المهر والقيمة، نظر إن حضر الزوج والسيد معا، أخذ كل واحد حقه، وإن جاء أحدهما فقط فثلاثة أوجه، أصحهما: نغرم حق الطالب، والثاني: لا نغرم شيئا، لأن حق الرد مشترك ولم يتم الطلب، والثالث: نغرم للسيد إن انفرد بالطلب، ولا نغرم للزوج لأن حق الرد في المزوجة للسيد آكد، ألا ترى أنه يسافر بها بخلاف الزوج، فإن كان زوج الأمة عبدا، فلها خيار الفسخ إذا عتقت، فإن فسخت النكاح، لم نغرم المهر لأن الحيلولة حصلت بالفسخ، وإن لم تفسخ وأوجبنا غرم المهر، فلا بد من حضور الزوج والسيد جميعا، وطلب الزوج المرأة والسيد المهر، فإن انفرد أحدهما، لم نغرم لأن البضع غير مملوك للسيد، والمهر غير مملوك للعبد.