المسلمين، فصاروا يهينونهم، أو يضيفون النزيل ويصلونهم، فصاروا يقطعونهم، أو يعظمون كتاب الامام، فصاروا يستخفون به، أو نقصوا عما كانوا يخاطبون به، سألهم الامام عن سبب فعلهم، فإن اعتذروا بما يجوز قبول مثله، قبله، وإن لم يذكروا عذرا، أمرهم بالرجوع إلى عادتهم، فإن امتنعوا، أعلمهم بنقض الهدنة ونقضها.
فصل إذا شرط رد المرأة إذا جاءتنا منهم مسلمة، لم يجز بحال، وشرط رد الرجل إذا هاجر مسلما جائز في الجملة، والفرق أنه لا يؤمن أن يصيبها زوجها الكافر، أو أن تزوج كافرا، ولأنها عاجزة عن الهرب وأقرب إلى الافتتان، فإذا عقد الامام هدنة، فإما أن يشرط أن لا يرد من جاء مسلما، أو يطلق، أو يشرط الرد، أو شرط أن لا يرد، فلا رد ولا غرم، وكذا لو خص النساء، يمنع الرد، وإن أطلق فهل يغرم الامام مهر من جاءت مسلمة؟ قولان، أظهرهما: لا، وقيل: إن كان قبل الدخول وجب الغرم قطعا، قال ابن الصباغ: هذا سهو من قائله، وإن شرط الرد، نظر إن أطلق فقال: بشرط أن نرد من جاءنا منهم، ففي وجوب الغرم القولان، وقد يقال: إن أوجبنا عند الاطلاق، فهنا أولى، وإلا فقولان، ولو صرح بشرط رد النساء، فهو فاسد، وفي فساد العقد به ما سبق، فإن لم يفسده، ففي الغرم الخلاف السابق بالترتيب، ويتفرع على وجوب الغرم مسائل:
منها: المغروم، وهو المبذول من صداقها، وقال الماوردي: عندي أنه هو الأقل من مهر المثل والمبذول، والصحيح الأول، وبه قال الجمهور، ولو لم يدفع إليها شيئا، فلا شئ له، ولو لم يدفع إلا بعضه، لم يستحق إلا ذلك القدر، ولو كان أعطاها أكثر من المسمى، لم يستحق الزيادة، كما لا يستحق ما أطعمها وكساها وأنفقه في العرس، لأنه متبرع به، ولأنه ليس بدل البضع الذي حلنا بينه وبينه.
ومنها: لا يثبت الغرم بمجرد قوله: أعطيتها صداقها، بل ينظر إن أنكرت النكاح، فهي المصدقة وعليه البينة، وإن صدقته وأنكرت القبض، ففي الشامل وغيره: أنها تصدق باليمين، وعليه البينة، وقال الروياني: لا يمين عليها، لان الصداق على غيرها، وقال الشيخ أبو حامد: يفحص الامام عن مهر مثلها، فقد يعرفه من تجار المسلمين الذين دخلوا دار الحرب، ومن الأسارى، ثم يحلف الرجل