فالعقد باطل، والذي يوجد في هذه البلاد من البيع والكنائس وبيوت النار لا ينقض لاحتمال أنها كانت في قرية أو برية فاتصل بها عمارة المسلمين، فإن عرف إحداث شئ بعد بناء المسلمين، نقض.
الثاني: بلاد لم يحدثوها ودخلت تحت أيديهم، فإن أسلم أهلها، كالمدينة واليمن، فحكمها كالقسم الأول، وإلا فإما أن تفتح عنوة أو صلحا، الضرب الأول: ما فتح عنوة، فإن لم يكن فيها كنيسة، أو كانت وانهدمت، أو هدمها المسلمون وقت الفتح أو بعده، فلا يجوز لهم بناؤها، وهل يجوز تقريرهم على الكنيسة القائمة؟ وجهان، أصحهما: لا، وبه قطع جماعة، الثاني: ما فتح صلحا وهو نوعان، أحدهما: فتح على أن رقبة الأرض للمسلمين، وهم يسكنونها بخراج، فإن شرطوا إبقاء البيع والكنائس، جاز، وكأنهم صالحوا على أن الكنائس لهم وما سواها لنا، وإن صالحوا على إحداثها أيضا، جاز، ذكره الروياني وغيره، وإن أطلقوا، لم تبق الكنائس على الأصح، الثاني: ما فتح على أن البلد لهم يؤدون خراجه، فيقرون على الكنائس ولا يمنعون من إحداثها فيه على الأصح، لأن الملك والدار لهم، ويمكنون فيها من إظهار الخمر والخنزير والصليب، وإظهار ما لهم من الأعياد، وضرب الناقوس، والجهر بالتوراة والإنجيل، ولا شك في أنهم لا يمنعون من إيواء الجاسوس، وتبليغ الاخبار، وما يتضرر به المسلمون في ديارهم، وحيث قلنا: لا يجوز الاحداث، وجوزنا إبقاء الكنيسة، فلا منع من عمارتها إذا استرمت، وهل يجب إخفاء العمارة؟ وجهان، أحدهما: نعم، لأن إظهارها زينة تشبه الاستحداث، وأصحهما: لا، فيجوز تطيينها من داخل وخارج، ويجوز إعادة الجدار الساقط، وعلى الأول يمنعون من تطيين خارجها، وإذا أشرف الجدار على الخراب، فلا وجه إلا أن يبنوا جدارا داخل الكنيسة، وقد تمس الحاجة إلى جدار ثالث ورابع، فينتهي الامر إلى أنه لا يبقى من الكنيسة شئ، ويمكن أن يكتفي من يوجب الاخفاء بإسبال ستر تقع العمارة وراءه، أو بإيقاعها في الليل، وإذا انهدمت الكنيسة المبقاة، فلهم إعادتها على الأصح، ومنعها الإصطخري وابن أبي هريرة، فإن جوزنا، فليس لهم توسيع خطتها على الصحيح، ويمنعون من ضرب