يصح أمانه، وإذا قدم وفد من الكفار، فالأولى أن ينزلهم الامام في دار مهيأة لذلك، أو في فضول مساكن المسلمين، فإن لم يتيسر، فله انزالهم في المسجد، ويجوز تعليمهم القرآن إذا رجي إسلامهم، ولا يجوز إذا خيف استخفافهم، وكذا القول في تعليم أحاديث النبي (ص) والفقه والكلام، ولا يمنعون من الشعر والنحو، قال الروياني: ومنعه بعض الفقهاء، لئلا يتطاولوا به على مسلم لا يحسنه.
قلت: قال أصحابنا: لا يمنع الكافر من سماع القرآن، ويمنع من مس المصحف، ولا يجوز تعليمه القرآن إن لم يرج إسلامه ويمنعه التعليم على الأصح، وإن رجي، جاز تعليمه على الأصح. والله أعلم.
فرع من دخل منهم لتجارة أو رسالة لم يمكن من إظهار خمر ولا خنزير، ولا يأذن له الامام في حملها إلى دار الاسلام.
الركن الخامس: المال المعقود عليه، وفيه مسائل:
إحداها: أقل الجزية دينار لكل سنة، هذا هو المنصوص الموجود في كتب الأصحاب، وذكر الامام أن الأقل دينار، أو اثنا عشر درهما نقرة خالصة مسكوكة، يتخير الامام بينهما، ولا يلزم الامام أن يخيرهم بأقل الجزية، بل يستحب أن يماكس حتى يأخذ من الغني أربعة دنانير، ومن المتوسط دينارين، وقال الامام:
موضع المماكسة ما إذا لم يعلم الكافر جواز الاقتصار على دينار، فإن علم، تطلب الزيادة استماحة، فإن امتنعوا من بذل ما زاد على دينار، وجب تقريرهم بالدينار سواء فيه الغني والفقير، ولو عقد بأكثر من دينار، ثم علم أن الزيادة غير لازمة، لزمه ما التزم، كمن اشترى شيئا أكثر من ثمن مثله، فإن امتنع من الزيادة، فوجهان، أحدهما: يقنع بالدينار، وأصحهما: أنه ناقض للعهد بذلك، كما لو امتنع من أداء أصل الجزية، وحينئذ هل يبلغ المأمن أم يقتل؟ قولان سنذكرهما إن شاء الله تعالى، فإن بلغ المأمن وعاد، فطلب العقد بدينار، أجبناه، هكذا ذكره البغوي، وأطلق الامام أنه إذا قبل الزيادة، ثم نبذ العهد إلينا لا يغتال، وإذا طلب تجديد عقد بالدينار، لزم إجابته، ثم إن كان النبذ بعد مضي سنة، لزمه ما التزم، وإن كان في