وعلى الأحوال لا يغتالهم، لأنهم أمنوه، ولو كان عندهم عين مال لمسلم، فأخذها عند خروجه ليردها على مالكها، جاز، فإن شرطوا الأمان في ذلك المال، فهل يصير مضمونا عليه؟ فيه طريقان، أحدهما: أنه على القولين فيما إذا أخذ المغصوب من الغاصب ليرده على مالكه، وعن القفال: القطع بالمنع، لأنه لم يكن مضمونا على الحربي بخلاف المغصوب.
ولو شرطوا عليه أن يعود إليهم بعد الخروج إلى دار الاسلام، حرم عليه العود، ولو شرطوا أن يعود، أو يبعث إليهم مالا فداء، فالعود حرام وأما المال، فإن شارطهم عليه مكرها، فهو لغو، وإن صالحهم مختارا، لم يجب بعثه، لأنه التزام بغير حق، لكن يستحب، وفي قول: يجب، لئلا يمتنعوا من إطلاق الأسارى، وفي قول قديم: يجب بعث المال، أو العود إليهم، والمشهور الأول، وبه قطع الجمهور، قال صاحب البيان: والذي يقتضي المذهب أن المبعوث إليهم استحبابا أو وجوبا لا يملكونه، لأنه مأخوذ بغير حق، ولو اشترى منهم الأسير شيئا ليبعث إليهم ثمنه، أو اقترض، فإن كان مختارا، لزمه الوفاء، وإن كان مكرها، فثلاث طرق، المذهب والمنصوص: أن العقد باطل، ويجب رد العين، كما لو أكره مسلم مسلما على الشراء، والثاني: الصحة ويلزم الثمن، لأن المعاملة مع الكفار يتساهل فيها، والثالث: قولان، الجديد: البطلان، والقديم: أنه مخير بين رد العين ورد الثمن، ولو لم يجر لفظ بيع، بل قالوا: خذ هذا، وابعث كذا من المال، فقال: نعم، هو كالشراء مكرها، ولو أعطوه شيئا ليبيعه في دار الاسلام، ويبعث إليهم ثمنه، فهو وكيل يجب عليه ما على الوكيل.