فرع إذا عاد البلد إلى أهل العدل، فادعى من عليه حق أن البغاة استوفوه، ولا يعلم الإمام ذلك ولا بينة، فإن كان زكاة، صدق بيمينه، وهل اليمين واجبة أم مستحبة؟ فيه خلاف سبق في الزكاة، وإن كان جزية، لم يصدق على الصحيح، وكذا إن كان خراجا على الأصح، لأنه أجرة أو ثمن بخلاف الزكاة، فإنها عبادة ومواساة ومبناها على الرفق، وإن كان حدا فقال المتولي: يصدق إن كان أثره باقيا على بدنه، وإلا فإن ثبت بالاقرار، صدق، لأنه يقبل رجوعه، وإن ثبت بالبينة، فلا.
فصل الذين لهم تأويل بلا شوكة، أو شوكة بلا تأويل، ليس لهم حكم البغاة، ولا ينفذ قضاء حاكمهم، ولا يعتد باستيفائهم الحقوق والحدود، وفي أصحاب الشوكة احتمال للامام لئلا يتضرر أهل الناحية التي استولوا عليها والمعروف للأصحاب ما سبق، والتحكيم فيهم على الخلاف المعروف في غيرهم.
الطرف الثالث في حكم ضمان المتلف من نفس أو مال بين الفريقين.
فإذا أتلف باغ على عادل أو عكسه في غير القتال، ضمن قطعا على ما تقرر من القصاص والقيمة، وأما في حال القتال، فما يتلفه العادل على الباغي لا يضمنه، وما يتلفه الباغي على العادل من نفس أو مال هل يضمنه؟ قولان، أظهرهما: لا، فإن كان القتل عمدا، ففي القصاص طريقان، أصحهما: طرد القولين، والثاني:
القطع بالمنع لشبهة تأويلهم، فإن أوجبنا القصاص، فال الامر إلى الدية، فهي في مال القاتل، وإن لم نوجبه، فهل يكون له حكم العمد، فتتعجل الدبة في مال القاتل، أم حكم نسبه شبه العمد، فتتأجل على العاقلة؟ فيه خلاف، كمن قتل مسلما على زي الكفار، وأما الكفارة، فتجب حيث أوجبنا قصاصا أو دية، وإلا فوجهان، أصحهما: المنع طردا للاهدار، ولأنها أولى بالمسامحة من حق الآدمي.