قلت: ولا دية فيه أيضا ولا كفارة، ويستحب للعائن أن يدعو للمعين بالبركة، فيقول: اللهم بارك فيه ولا تضره، وأن يقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، وفي صحيح مسلم: أن رسول الله (ص) قال: العين حق، وإذا استغسلتم فاغسلوا قال العلماء: الاستغسال أن يقال للعائن: اغسل داخلة إزارك مما يلي الجلد بماء، ثم يصب عل المعين، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يؤمر العائن أن يتوضأ، ثم يغتسل منه المعين. وقد جاء في هذه المسألة أحاديث في الصحيح وغيره وغيرها أوضحتها في أواخر كتاب الأذكار. والله أعلم.
الباب الخامس في العاقلة ومن عليه الدية، وفي جناية الرقيق قد سبق عند ذكر جهات تخفيف الدية وتغليظها، أن الدية في العمد على الجاني، وفي شبه العمد والخطأ على العاقلة، وسواء في العمد كان موجبا للدية ابتداء كقتل الأب الابن، أم كان موجبا للقصاص، ثم عفي على الدية، ولا تحمل العاقلة أيضا دية الأطراف في جناية العمد، ثم بدل العمد يجب حالا على قياس ابدال المتلفات، وبدل شبه العمد والخطأ، يجب مؤجلا، وفي الباب أطراف:
الأول في بيان العاقلة، والثاني: في صفتهم، والثالث: في كيفية الضرب عليهم، وهذه الأطراف مختصة بجناية الحر، والرابع: في جناية الرقيق.
أما العاقلة فجهات التحمل ثلاث: القرابة والولاء وبيت المال، وليست المحالفة والموالاة من جهات التحمل، ولا يتحمل الحليف ولا العديد الذي لا عشيرة له، فيدخل نفسه في قبيلة ليعد منها، ولا يتحمل أيضا عندنا أهل الديوان بعضهم عن بعض بمجرد ذلك، أما جهة القرابة فإنما يتحمل منها من كان على حاشية النسب وهم الأخوة وبنوهم والأعمام وبنوهم، وأما أبو الجاني وأجداده وبنوه وبنو بنيه، فلا يتحملون، لأنهم أبعاضه وأصوله، فلم يتحملوه، كما لا يتحمل الجاني، وفي الحديث الصحيح أن النبي (ص) قضى بدية مقتولة على عاقلة القاتلة، وبرأ زوجها والولد، وفي الحديث الآخر قال لرجل معه ابنه: لا يجني عليك ولا تجني عليه أي: لا يلزمك موجب جنايته، ولا يلزمه موجب جنايتك، فلو جنت امرأة ولها ابن هو ابن ابن عمها، لم يتحمل على الأصح، لأن البنوة مانعة.
فرع يقدم أقرب العصبات فأقربهم، ومعنى التقديم: أن ينظر في الواجب