الدية، فتسقط دية العضو المقطوع بالعفو، ولا يسقط ضمان السراية على الأصح، فإن قال: عفوت عن هذه الجناية وما يحدث منها، فإن لم نوجب الضمان إذا أطلق، فهنا أولى، وإلا فعلى الخلاف في الابراء عما لم يجب وجرى سبب وجوبه.
المسألة الثالثة: جنى عبد جناية توجب المال، وعفا المجني عليه عن أرشها، ثم مات بالسراية، أو اندمل الجرح، وعفا في مرض الموت، فإما أن يطلق العفو، وإما أن يضيفه إلى السيد، أو إلى العبد، فإن أطلقه، انبنت صحته على أن أرش جناية العبد يتعلق برقبته فقط أم بها وبالذمة حتى يطالب بما فضل بعد العتق؟
وفيه قولان مذكوران في الديات، فإن قلنا: يتعلق بالرقبة فقط، صح العفو، لأنه تبرع على غير القاتل وهو السيد، وإن قلنا: يتعلق بالذمة أيضا، ففائدة العفو تعود إلى العبد، فيبنى على الوصية للقاتل، إن صححناها، صح العفو، وإلا فلا، وحكى الامام وجهين إذا قلنا بالتعلق بالذمة في أن المجني عليه هل يملك فك الرقبة عن التعلق، وجعل الحق في الذمة خاصة كما يملك فك المرهون؟ قال: وعلى الوجهين يبقى تعلق الأرش بالرقبة إذا أبطلنا العفو، وأما إذا أضاف العفو إلى السيد، فقال: عفوت عنك، فيصح إن علقنا الأرش بالرقبة فقط، وإلا فلا، وإن أضافه إلى العبد، فإن قلنا: يتعلق بالرقبة فقط، لم يصح، وإلا فعلى القولين في الوصية للقاتل، أما إذا كانت الجناية موجبة للقصاص، فالعفو عن العبد صحيح، فإنه عليه بكل حال.
المسألة الرابعة: جرح حر رجلا خطأ، فعفا عنه، ثم سرت الجناية إلى النفس، بني على أن الدية في قتل الخطأ تجب على العاقلة ابتداء، أم على القاتل، ثم تتحملها العاقلة، وفيه خلاف مذكور في بابه، فإن قال: عفوت عن العاقلة، أو أسقطت الدية عنهم، أو قال: عفوت عن الدية، فهذا تبرع على غير القاتل، فينفذ إذا وفى الثلث به، ويبرؤون، سواء جعلناهم متأصلين أم متحملين، وإن قال للجاني: عفوت عنك، لم يصح، وقيل: إن قلنا: يلاقيه الوجوب ثم