وأما الرجوع بالمهر، إذا قضينا بالرجوع على الغار، فقال الغزالي: التغرير السابق كالمقارن، وحققه الامام فقال: لا يشترط في حصول التغرير دخول الشرط بين الايجاب والقبول، ولا صدوره من العاقد لكن يشترط اتصاله بالعقد. فلو قال:
فلانة حرة في معرض الترغيب في النكاح، ثم زوجها على الاتصال بوكالة أو ولاية، فهو تغرير، ولو لم يقصد بقوله تحريض سامع، واتفق بعد أيام أنه زوجها لمن سمع كلامه، فليس ما جرى تغريرا، وإن ذكره لا في معرض التحريض، وجرى العقد على الاتصال أو ذكره في معرض التحريض، وجرى العقد بعد زمان فاصل، ففي كونه تغريرا تردد، ويشبه أن لا يعتبر الاتصال بالعقد على ما أطلقه الغزالي، لان تعلق الضمان أوسع بابا.
فصل إذا غر بحرية أمة وصححنا النكاح، فأولاده الحاصلون منها قبل العلم برقها أحرار لظنه الحرية، سواء أجاز العقد أو فسخه، إذا خيرناه، وسواء كان المغرور حرا أو عبدا، لاستوائهما في الظن، ثم على المغرور قيمة الأولاد لسيد الأمة على المشهور، لأنه فوت رقهم بظنه. وفي قول حكاه الحناطي: لا شئ عليه، لأنه معذور. فعلى المشهور إن كان المغرور حرا، فالقيمة مستقرة في ذمته، وإن كان عبدا، فهل تتعلق بذمته أم برقبته أم بكسبه؟ فيه أقوال، أظهرها الأول، وتعتبر قيمة الأولاد يوم الولادة.
وأما الأولاد الحاصلون بعد علمه برقها، فهم أرقاء، سواء كان المغرور عربيا أو غيره. وللشافعي قول: أن العرب لا يجري عليهم الرق، والمشهور أن لا فرق.
ثم في الفصل مسائل.
إحداها: في الرجوع بالمهر المغروم على الغار قولان كما سبق في العيب، وأما قيمة الأولاد، فيرجع بها على الغار على المذهب. وقيل: فيه القولان. وإذا قلنا بالرجوع، فإنما يرجع إذا غرم كالضامن. فقد سبق في الضامن وجه ضعيف أنه يرجع قبل غرمه، فيجئ مثله هنا. والصحيح، المنع. فعلى هذا لو كان المغرور عبدا وعلقنا القيمة بذمته، فإنما يرجع على الغار بعد عتقه، لأنه حينئذ يغرم. أما إذا