المحرف، لم تحل مناكحتهم على المذهب، ويقرون بالجزية على الأصح كالمجوس وأولى للشبهة.
(الحال) الثالث: أن تكون ممن يعلم دخولهم بعد التحريف والنسخ، فلا تحل مناكحتهم قطعا. فالذين تهودوا أو تنصروا بعد بعثة نبينا (ص)، لا يناكحون. وفي المتهودين بين نبينا وبين عيسى عليهما السلام وجهان. أصحهما: المنع، ومن جوز كأنه يزعم أنا لا نعلم كيفية نسخ شريعة عيسى لشريعة موسى صلى الله عليهما وسلم، وهل نسخت كلها أو بعضها، وهؤلاء لا يقرون بالجزية.
الرابع: أن تكون من قوم لا يعلم متى دخلوا، فلا تحل مناكحتهم، ويقرون بالجزية، وبذلك حكمت الصحابة رضي الله أنهم في نصارى العرب. هكذا أطلقه عامة الأصحاب من المتقدمين والمتأخرين، وفيه شئ لا بد من معرفته وسنذكره في الفصل الذي بعد هذا إن شاء الله تعالى.
الضرب الثاني: الكتابية الإسرائيلية. والذي ذكره الأصحاب في طرقهم، جواز نكاحها على الاطلاق من غير نظر إلى آبائها أدخلوا في ذلك الدين قبل التحريف، أم بعده، وليس كذلك لأن ليس كل إسرائيلية يلزم دخول آبائها قبل التحريف وإن أشعر به كلام جماعة من الأئمة، وذلك أن إسرائيل هو يعقوب (ص)، وبينه وبين نزول التوراة زمان طويل، ولسنا نعلم أدخل كل بني إسرائيل على كثرتهم في زمان موسى (ص) أم بعده قبل التحريف، بل في القصص ما يدل على استمرار بعضهم على عبادة الأوثان والأديان الفاسدة، وبتقدير استمرار هذا في اليهود، فلا يستمر في النصارى، لأن بني إسرائيل بعد بعثة عيسى (ص) منهم من آمن به، ومنهم من صد عنه فأصر على دين موسى. ثم من المصرين من تنصر على تعاقب الزمان قبل التحريف وبعده، ولكن كأن الأصحاب اكتفوا بشرف النسب وجعلوه حابرا لنقص دخول الآباء في الدين بعد التحريف، حتى فارق حكمهن حكم غير الإسرائيليات إذا دخل آباؤهن بعد التحريف.