أن يحصنها حيث صيرها أو اسكانها وكراء منزلها قال: وان أمرها أن تكارى منزلا بعينه فتكارته فكراؤه عليه متى قامت به عليه، وان لم يأمرها فتكارت منزلا فلم ينهها ولم يقل لها: أقيمي فيه، فان طلبت الكراء وهي في العدة استقبل كراء منزلها من يوم تطبه حتى تنقضي العدة. وان لم تطلبه حتى تنقضي العدة فحق لها تركته وعصت بتركها أن يسكنها فلا يكون لها وهي عاصية سكنى وقد مضت العدة، وان أنزلها منزلا له بعد الطلاق أو طلقها في منزل له أو طلقها وهي زائرة فكان عليا أن تعود إلى منزل له قبل أن يفلس ثم فلس فهي أحق بالمنزل منه ومن غرمائه اه.
على أن محاولة اضعاف الخبر بكلام عمر ليست بذاك، لان كلام عمر رضي الله عنه دليل على صحته وصدوره عن فاطمة، وأما البذاء المنسوب لفاطمة، فإنه لم يكن موجها لزوجها بل كان لاحمائها، وهذا أمر غير مستبعد من أي امرأة مطلقة تحس بشخصيتها لا سيما إذا كان البذاء يحتمل أن يكون مجرد المخاشنة في القول والاستعلاء في اللهجة التي تتم عن ضيق ببقائها بين نساء مثلها.
ولو كان البذاء من طبيعتها بمعنى الفحش القبح لما دفع بها إلى ابن أم مكتوم لتبقى في بيته مدة العدة، ويفسر البذاء منها رواية " وكان في لسانها ذرابة " أي حدة، وليست فاطمة بنت قيس معصومة ولا يخل هذا بلياقتها لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حبه، وفي بعض الناس صدق في اللهجة، وحدة في الصوت يمكن أن يوصف بالبذو والذرابه إذا تقرر هذا: فان الآية تقتضي الاخراج عن السكنى إذا طال لسانها على أحمائها، ولا يتوقف هذا الاخراج على ارتكاب الزنا إذا فسرت الفاحشة به على قول ابن مسعود والحسن، فان الاخراج في ذلك لا يكون الا لإقامة الحد، أما الاخراج عن السكنى في الآية فلا يتحقق بما فسرا به الآية فان الفاحشة اسم للزنا وغيره من الأقوال، يقال: أفحش فلان في مقاله، ولهذا روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قالت له عائشة " يا رسول الله قلت لفلان: بئس أخو العشيرة فلما دخل ألفت له القول؟ فقال يا عائشة ان الله لا يحب الفحش ولا التفحش