فجئن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلن: يا رسول الله انا نستوحش بالليل ونبيت عند إحدانا حتى إذا أصبحنا بادرنا إلى بيوتنا: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن، حتى إذا أردتن النوم فلتؤب كل امرأة إلى بيتها: ولان الليل مظنة للفساد فلا يجوز لها الخروج من غير ضرورة. وان أرادت الخروج لذلك بالنهار نظرت - فإن كانت في عدة الوفاة - جاز لحديث مجاهد. وإن كانت في عدة المبتوتة ففيه قولان قال في القديم لا يجوز لقوله تعالى (ولا يخرجن الا أن يأتين بفاحشة مبينة) وقال في الجديد " يجوز " وهو الصحيح لما روى جابر رضي الله عنه قال " طلقت خالتي ثلاثا، فخرجت تجد نخلا لها فلقيها رجل فنهاها: فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال لها: أخرجي فجدي نخلك لعلك أن تصدقي منه أو تفعلي خيرا " ولأنها معتدة بائن فجاز لها أن تخرج بالنهار لقضاء الحاجة كالمتوفى عنها زوجها.
(الشرح) في قوله تعالى (لا تخرجوهن من بيوتهن) دليل على أنه ليس للزوج أن يخرجها من مسكن النكاح ما دامت في العدة، ولا يجوز لها الخروج الا لضرورة ظاهرة، فإن خرجت أثمت ولا تنقطع العدة، والمبتوتة في هذا كالرجعية - وهذا لصيانة ماء الرجل - وهذا معنى إضافة البيوت إليهن، كقوله تعالى (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة) وقوله تعالى (وقرن في بيوتكن فهو إضافة اسكان لا إضافة تمليك أما حديث فريعة فقد مضى تخريجه آنفا وقوله " دار وحشة " دار مضاف وحشة مضاف إليه، وأصله المكان القفر من الأنيس. وخبر ابن عباس قال ابن كثير في قوله تعالى (الا أن يأتين بفاحشة مبينة) والفاحشة المبينة تشمل الزنا، كما قاله ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب والشعبي والحسن وابن سيرين ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وأبو قلابة وأبو صالح وزيد بن أسلم وعطاء الخراساني والسدي وسعيد بن أبي هلال وغيرهم وغيرهم اه