حتى يعتددن في بيوتهن، ولأنه أمكن الاعتداد في منزلها قبل أن يبعد سفرها فلزمها، وقال مالك ترد ما لم تحرم. وقال أبو حنيفة حد القريب بما لا تقصر فيه الصلاة، وحد البعيد بما تقصر فيه وهو مسيرة ثلاثة أيام. وقال متى كان بينها وبين مسكنها دون ثلاثة أيام فعليها الرجوع إليه، وإن كان فوق ذلك لزمها المضي إلى مقصدها والاعتداد فيه إذا كان بينها وبينه دون ثلاثة أيام، وإن كان بينها وبينه ثلاثة أيام وفي موضعها الذي هي فيه موضع يمكنها الإقامة فيه لزمها الإقامة، وان لم يمكنها الإقامة مضت إلى مقصدها ولنا أنه يفرق بين السفر لحاجة والسفر لغير حاجة ووصلت إلى غايتها أو لم تصل على ما بينه المصنف هنا.
فإذا كان عليها حجة الاسلام فمات زوجها لزمتها العدة في منزلها، وإن فإنها الحج، ولأن العدة في المنزل تفوت ولا بدل لها، والحج يمكن الاتيان به في غير هذا العام. وان مات زوجها بعد احرامها بحج الفرض أو بحج أذن لها فيزوجها نظرت - فإن كان وقت الحج متسعا لا تخاف فوته ولا فوت الرفقة لزمها الاعتداد في منزلها، لأنه أمكن الجمع بين الحقين فلم يجز اسقاط أحدهما. وان خشيت فوات الحج لزمها المضي فيه. وبهذا قال أحمد. وقال أبو حنيفة يلزمها المقام وان فإنها الحج لأنها معتدة فلم يجز لها أن تنشئ سفرا كما لو أحرمت بعد وجوب العدة عليها.
دليلنا أنهما عبادتان استويا في الوجوب وضيق الوقت فوجب تقديم الأسبق منهما، كما لو كانت العدة أسبق، ولان الحج آكد لأنه أحد أركان الاسلام والمشقة بتفويته تعظم، فوجب تقديمه كما لو مات زوجها بعد أن بعد سفرها إليه وان أحرمت بالحج بعد موت زوجها وخشيت فواته يجوز لها أن تمضي إليه لما في بقائها في الاحرام من المشقة، ويجوز أن تعتد في منزلها لما في العدة من السبق ولأنها فرطت وغلظت على نفسها، فإذا قضت العدة وأمكنها السفر إلى الحج لزمها ذلك، فإن أدركته والا تحللت بعمل عمرة وحكمها حكم من فاته الحج في قضائه وان لم يمكنها السفر فحكمها حكم المحصر كالتي يمنعها زوجها من السفر وحكم الاحرام بالعمرة كذلك إذا خيف فوات الرفقة أو لم يخف