الظاهر أنه لا يعيش أكثر من هذا العمر، فإذا اقترن به انقطاع خبره وجب الحكم بموته، كما لو كان فقده بغيبة ظاهرها الهلاك، والمذهب الأول لأن هذه غيبة ظاهرها السلامة فلم يحكم بموته كما قيل في الأربع سنين أو كما قبل التسعين، ولان هذا التقدير بغير توقيف، والتقدير لا ينبغي أن يصار إليه الا بالتوقيف لان تقديرها بتسعين سنة من يوم ولادته يفضى إلى اختلاف العدة في حق المرأة باختلاف عمر الزوج ولا نظير لهذا، وخبر عمر ظاهر فيمن ظاهر غيبته الهلاك فلا يقاس على غيره.
(القسم الثاني) أن تكون غيبته ظاهرها الهلاك كالذي يفقد من بين أهله ليلا أو نهارا، أو يخرج إلى الصلاة فلا يرجع، أو يمضى إلى مكان قريب ليقضى حاجته فلا يظهر له أثر ولا خبر أو يفقد في حومة القتال بين الصفين أو تتحطم بهم باخرة فيغرق بعض رفقته أو يفقد في مهلكة كصحراء الفيوم ومنخفض القطارة من ديار مصر حرسها الله أو في صحراء الجزائر الكبرى من قطر الجزائر أيده الله، أو الربع الخالي من البلاد الحجازية أعلى الله رايتها.
فقال في القديم: تتربص أربع سنين أكثر مدة الحمل ثم تعتد للوفاة أربعة أشهر وعشرا وتحل للأزواج.
وقال أحمد: من ترك هذا القول فأي شئ يقول، وهو قول عمر وعثمان وعلى وابن عباس وابن الزبير.
وقال في الجديد تتربص حتى يتبين موته أو فراقه لما روى المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " امرأة المفقود امرأته حتى يأتي زوجها ".
وروى الحكم وحماد عن علي: لا تتزوج امرأة المفقود حتى يأتي موته أو طلاقه، لأنه شك في زوال الزوجية فلم نثبت به الفرقة كما لو كان ظاهر غيبته السلامة، وفي اعتبار ابتداء المدة من حين الغيبة أو من حين ضرب الحاكم المدة وجهان.
(أحدهما) يعتبر ابتداؤهما من حين ضربها الحاكم لأنها مدة مختلف فيها فافتقرت إلى ضرب الحاكم كمدة العنه.