يعود ويقطعه، لان حقه الإبانة ولم يوجد. وإن جنى على رأسه فذهب عقله أو شمه أو سمعه أو ذوقه أو نكاحه أو إنزاله لم يجب القصاص، لأن هذه الأشياء ليست في موضع الجناية فيمكن القصاص فيها.
(مسألة) يجب في الشفتين القصاص، ومن أصحابنا من قال: لا قصاص فيهما لأنه قطع لحما من لحم غير منفصل، والأول هو المنصوص لقوله تعالى " والجروح قصاص " ولان الشفتين هما اللحم الجافي من لحم الذقن والشدق، مستدير على الفم طولا وعرضا، وطولهما ما تجافى عن لحم الذقن إلى أصل الانف وذلك من لحم له حد معلوم فوجب القصاص فيه واختلف أصحابنا في القصاص في اللسان، فمنهم من قال يجب القصاص في جميعها وفي بعضها، لان له حدا ينتهى إليه فهو كالأنف والاذن. وقال أبو إسحاق لا قصاص فيه، واليه ذهب بعض أصحاب أبي حنيفة، واختاره ابن الصباغ وأما المصنف فذكر أن القصاص يثبت في جميعها على وجهين قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ويؤخذ السن بالسن لقوله تعالى (والسن بالسن) ولما رويناه في أول الباب في حديث الربيع بنت النضر بن أنس، ولأنه محدود في نفسه يمكن القصاص فيه فوجب فيه القصاص، ولا يؤخذ سن صحيح بسن مكسور لأنه يأخذ أكثر من حقه، ويؤخذ المكسور بالصحيح، ويؤخذ معه من الدية بقدر ما انكسر منه لما ذكرناه في الانف والاذن، ويؤخذ الزائد إذا اتفق محلهما لأنهما متساويان، وان قلع سنا زائدة وليس للجاني مثلها وجبت عليه الحكومة لأنه تعذر المثل فوجب البدل، وإن كان له مثلها في غير موضع المقلوع لم يؤخذ كما لا يؤخذ سن أصلى بسن أخرى. وان كسر نصف سنه وأمكن أن يقتص منه نصف سنه اقتص منه، فإن لم يمكن وجب بقدره من دية السن، وان وجب له القصاص في السن فاقتص ثم نبت له مكانه سن آخر ففيه قولان (أحدهما) أن النابت هو المقلوع من جهة الحكم لأنه مثله في محله فصار كما