وهذا صحيح لأنه ينتهى إلى مفصل فيؤخذ جفن البصير بجفن الضرير وجفن الضرير بجفن البصير لأنهما متساويان في السلامة، وعدم البصر نقص في غيره (مسألة) قوله تعالى " والعين بالعين والأنف بالأنف " قرأ نافع وعاصم والأعمش وحمزة بالنصب في جميعها على العطب، ويجوز تخفيف (أن) ورفع الكل بالابتداء والعطف، وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وأبو جعفر بنصب الكل إلا الجروح، وكان الكسائي وأبو عبيد يقرءان " والعين بالعين " وهكذا بالرفع فيها كلها.
قال أبو عبيد: حدثنا حجاج عن هارون عن عباد بن كثير عن عقيل عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص " والرفع من ثلاث جهات بالابتداء والخبر وعلى معنى على موضع " أن النفس " لان المعنى قلنا لهم " النفس بالنفس " والوجه الثالث قاله الزجاج يكون عطفا على المضمر في النفس، لان الضمير في النفس في موضع رفع لان التقدير أن النفس هي مأخوذة بالنفس، فالأسماء معطوفة على هي.
قال ابن المنذر: ومن قرأ بالرفع جعل ذلك ابتداء كلام حكم في المسلمين، وهذا أصح القولين عند القرطبي في جامعه، وذلك أنها قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم والخطاب للمسلمين أمروا بهذا. ومن خص الجروح بالرفع فعلى القطع مما قبلها والاستئناف بها، كأن المسلمين أمروا بهذا خاصة، وما قبله لم يواجهوا به إذا ثبت هذا فإن الانف الكبير يؤخذ بالصغير والغليظ بالرقيق والأقنى بالأفطس لان الأطراف يجب القصاص فيها وان اختلفت بالصغر والكبر. ولا يجب القصاص في المارن وهو اللبن.
وأما القصبة فلا يجب فيها القصاص لأنها عظم، ويؤخذ أنف الشام بأنف الأخشم وأنف الأخشم بأنف الشام، لان الخشم ليس بنقص في الانف، وإنما هو لعلة في الدماغ والأنفان يتساويان في السلامة، ويؤخذ الانف الصحيح بالأنف المجذوم ما لم يسقط بالجذام شئ منه، لان الطرف الصحيح يؤخذ