ابن ماجة عن ابن عباس أيضا في الحدود عن هارون بن محمد بن بكار. وزعم ابن قدامة في المغنى (1) رواية النسائي له عن عمر ولم أجده هناك. وقد ذكر الحديثين (أعني حديث عمر وحديث ابن عباس) ابن عبد البر وقال هو حديث مشهور عند أهل العلم بالحجاز والعراق، مستفيض عندهم يستغنى بشهرته عن الاسناد فيه، حتى يكون الاسناد في مثله مع شهرته تكلفا، ولان النبي صلى الله عليه وسلم قال " أنت ومالك لأبيك " وقضية هذه الإضافة تمليكه إياه، فإذا لم تثبت حقيقة الملكية بقيت الإضافة شبهة في درء القصاص لأنه يدرأ بالشبهات، ولأنه سبب ايجاده فلا ينبغي أن يتسلط بسببه على اعدامه. وما ذكرناه يخص العمومات ويفارق الأب سائر الناس أما الأحكام فقد قال الشافعي رضي الله عنه: ولا يقتل والد بولد لأنه اجماع ولا حد من قبل أم ولا أب.
وجملة ذلك أن الأب إذا قتل ولده لم يجب عليه القصاص، وبه قال عمر وابن عباس من الصحابة، ومن الفقهاء ربيعة والأوزاعي أبو حنيفة وأحمد وإسحاق. وقال ابن نافع وابن عبد الحكم وابن المنذر: يقتل به لظاهر الكتاب والاخبار الموجبة للقصاص، ولأنهما حران مسلمان من أهل القصاص فوجب أن يقتل كل واحد منهما بصاحبه كالأجنبيين وقال مالك: ان رماه بالسيف فقتله لم يقتل لأنه قد يريد بذلك التأديب.
وان أضجعه وذبحه قتل به. دليلنا ما روى عمر وابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يقاد والد بولده " ولان كل من لا يقتل به إذا رماه بالسيف لم يقتل به، وان أضجعه وذبحه كالمسلم إذا ذبح الكافر فإن قيل، ما معنى قول الشافعي لأنه اجماع، ومالك يخالف. فله تأويلان أحدهما أنه أراد به اجماع الصحابة، لأنه روى عن عمر وابن عباس ولا مخالف لهما في الصحابة، والثاني أنه أراد إذا رماه بالسيف فإنه اجماع، ولا تقتل الأم