أوفق له، وان أراد منعها منه كان له ذلك، لأنه يستحق الاستمتاع بها في كل وقت الا في وقت العبادة، فلا يجوز لها تقويته عليه بالرضاع وان رضيا بإرضاعه فهل تلزمه زيادة على نفقتها؟ فيه وجهان (أحدهما) تلزمه، وهو قول أبي سعيد وأبي إسحاق، لأنها تحتاج في حال الرضاع إلى أكثر مما تحتاج في غيره (والثاني) لا تلزمه الزيادة على نفقتها في النفقة، لان نفقتها مقدرة فلا تجب الزيادة لحاجتها، كما لا تجب الزيادة في نفقة الأكولة لحاجتها، وان أرادت ارضاعه بأجرة ففيه وجهان (أحدهما) لا يجوز، وهو قول الشيخ أبى حامد الأسفراييني رحمة الله عليه، لان أوقات الرضاع مستحقة لاستمتاع الزوج ببدل وهو النفقة، فلا يجوز أن تأخذ بدلا آخر (والثاني) أنه يجوز، لأنه عمل يجوز أخذ الأجرة عليه بعد البينونة، فجاز أخذ الأجرة عليه قبل البينونة كالنسج وان بانت لم يملك اجارها على ارضاعه كما لا يملك قبل البينونة، فان طلبت أجرة المثل على الرضاع ولم يكن للأب من يرضع بدون الأجرة كانت الأم أحق به، لقوله تعالى " فان أرضعن لكم فآتوهن أجورهن " وان طلبت أكثر من أجرة المثل جاز انتزاعه منها. وتسليمه إلى غيرها لقوله تعالى " وان تعاسرتم فسترضع له أخرى " ولان ما يوجد بأكثر من عوض المثل كالمعدوم، ولهذا لو وجد الماء بأكثر من ثمن المثل جعل كالعدوم في الانتقال إلى التيمم فكذلك ههنا وان طلبت أجرة المثل وللأب من يرضعه بغير عوض أو بدون أجرة المثل، ففيه قولان:
أحدهما: أن الأم أحق بأجرة المثل، لان الرضاع لحق الولد، ولان لبن الأم أصلح له وأنفع، وقد رضيت بعوض المثل فكان أحق والثاني: أن الأب أحق، لان الرضاع في حق الصغير كالنفقة في حق الكبير ولو وجد الكبير من يتبرع بنفقته لم يستحق على الأب النفقة، فكذلك إذا وجد من يتبرع بإرضاعه لم تستحق على الأب أجرة الرضاع، وان ادعت المرأة أن الأب لا يجد غيرها فالقول قول الأب: لأنها تدعي استحقاق أجرة المثل والأصل عدمه.